«معلقون سويا» هو عنوان العمل الإبداعي للفنانة والمصورة السعودية منال الضويان التي شاركت فيه مع عدد آخر من الفنانين والفنانات السعوديين والعرب في معرض «مستقبل وعد» للفن العربي المعاصر المقام في جزيرة دورسودورو بالبندقية (فنيسا) على هامش بينالي البندقية للفنون الذي تشارك فيه المملكة للمرة الأولى، علماً بأن المعرض يقام مرة كل عامين على مدى المائة سنة الماضية. معرفتي بالفنون التشكيلية ومدارسها واتجاهاتها التقليدية والعصرية والحديثة لربما تكون محدودة، لكنني دائماً يستوطنني اعتقاد راسخ بأن صنوف التعبير الإنسانية بكافة صورها واشكالها، سواء في مجالات الأدب أو الرسم أو النحت أو التصوير أو المسرح أو السينما أو الموسيقى أو الغناء أو الرقص مهما كانت درجة غرابتها ونخبويتها وصعوبة فهم بعضها أو جرأتها أو تذوقها، كلما اقتربت أكثر من تناول القضايا الإنسانية البسيطة والمعقدة بأسلوب فني مباشر إبداعي بسيط يستقي تفاصيله من واقع الحياة ازدادت عمقاً فنياً عفوياً وقبولاً ومتابعة تزيد رقعة تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة لدى كافة شرائح المجتمع بغض النظر عن اهتماماتهم أو تخصصاتهم أو توجهاتهم الفكرية أو الأيديولوجية. فعلى سبيل المثال استوقفني عمل الفنانة منال «معلقون سويا» من الوهلة الأولى لبساطته التعبيرية الفنية وعمق رسالته المجتمعية الرافضة للحد من حرية حركة المرأة السعودية والقيود المفروضة عليها. فالعمل الفني عبارة عن سرب من الحمام الأبيض بعدد 200 حمامة معلقة بحبال شفافة ملاصقة لسقف يحد من حريتها. تصاريح السفر الفعلية التي تمنح عادة للمرأة السعودية للسماح لها بالسفر وحدها وظفت توظيفاً رمزياً رائعاً من خلال لف أجساد الحمام المعلقة بها، حيث أشارت منال الى أن تلك التصاريح جمعتها من عدد من النساء اللائي يعملن في وظائف مختلفة كالطبيبة والعالمة والصحفية والمهندسة، إضافة إلى ربات البيوت. وتشير منال في تقديمها للعمل «بغض النظر عن العمر أو الإنجازات التي حققنها، فإن صاحبات تلك الأوراق يعاملن كسرب من الحمام المشدودة بحبال تمنعها من التحليق»، ونقول في هذا السياق يا عزيزتي منال، ليسمح لها في بداية الأمر المشي على الأرض فوق قطعة حديد وبعدها تفكر في التحليق سوياً أو انفرادياً. ميزة الفنون أنها توفر الأرضية الخصبة للتعبير عن الآراء من منظور شخصي لربما يكون بأسلوب مغاير جداً للرأي العام السائد ومتصادما معه في بعض الأحيان وهو ما تحتاجه بعض المجتمعات المتثائبة لتصحو، لذا تحرص المجتمعات المدنية النابضة بالحياة والحيوية التي تؤمن بأهمية تعدد وتباين صور التعبير والآراء على فتح قنوات التعبير وتوفير السبل والمصادر والإمكانيات والتشريعات التي تضمن نمو وتطور صورة التعبير تلك دون الخوف منها أو مصادرتها أو التضييق عليها. ولمشاهدة العمل الفني يمكن الدخول على الرابط التالي بجريدة الشرق الأوسط : http://www.aawsat.com/details.asp?section=54&article=626194&issueno=11884، حيث نشرت الصحفية عبير مشخص بتاريخ 12 يونيو 2011 تغطية شاملة عن أعمال المعرض الذي شارك فيه الفنانون السعوديون من مجموعة « Arabian Edge» إلى جانب الفنانة منال كل من أحمد ماطر وعبد الناصر الغارم وأيمن يسري. كل الشكر لبرامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع على رعاية المعرض التي نتمنى أن تكون بعض جهودها موجهة لدعم الحركة الفنية داخليا أيضا.