من يتابع ما يُكتب في الصحف من قبل الكتاب وصفحات القراء، وما يُكتب في «تويتر» و»فيس بوك» يجد جبالاً من التشاؤم يصعد إليها الناس جرياً وحَبْواً وهرولة، ولسان كل واحد منهم يقول: الزود عندي، أحياناً نتصوّر أن الدنيا قامت ولم تقعد من حولنا من أجل مطب صناعي أو حتى طبيعي، وهناك من يوقف الدنيا على رِجْلٍ واحدة فوق أسفلت يغلي بدرجة حرارة مدننا بسبب إقفال الشارع لسبب أو لآخر. وقِس على هذا الكثير من التفاصيل في المدارس والجامعات والمرور والبلديات والمطارات وغيرها، ومن يتجرأ ويتحدث أو يكتب عن جانب إيجابي ترى الجموع تصدّه عن المحاولة بوصفه منافقاً أو مأجوراً. إننا أحيانا بل دائماً بحاجة لتحريك عقولنا أولاً قبل أن نمسّ عقول الآخرين، وجرّها على الطريق الذي اخترناه، لأن هذا هو الذي ولَّد الكراهية والحقد والتعصب ،وهذا الثالوث يجرّنا للهاوية التي لا نريد حتى الاقتراب منها أما الصنف الثالث وهو المداح في الليل والنهار والشدة والفرج ،فهذا منبوذ إلا من المستفيدين أو من البسطاء الجهلة.. ولكن هل يمكن أن يجتمع هؤلاء جميعاً في طريق واحد ليحقق كلّ واحد منهم ما يريد، فيما يريد من أجل الوطن والإنسان؟ ما رأيكم بالعقل.. هذه النعمة العظيمة كافية لكي تجمعنا وتجعلنا قادرين على تقبّل بعضنا مهما اختلفنا، وإن لم نفلح في قبول أحدنا الآخر فأضعف الفعل ألا نسفّه بعضنا ولا نكيل التّهم ولا نقصي ولا ننسِف حق الآخر بالتفكير، ولكن بعيداً عن التكفير.. واستخدام الألفاظ المشينة التي تحط من قدر الآخر ،واعتقاد أن هذا الحط يرفع مِن قدْر مَن وقع منه الفعل. حتى الذين لم يعتادوا على استخدام عقولهم فيما عدا تفاصيل الحياة اليومية البسيطة وفي غيرها ينقادون لهذا أو ذاك من باب وضوح الصواب والضبابية، والعكس صحيح، عليهم ألا يستميتوا في إقناع الآخرين بما انساقوا خلفه، فكلّ منا لديه عقله، والعامة يقولون (عقلك في راسك تعرف خلاصك) أما الخاصة فيقولون: (إن نقد الجمود وكشف الأوهام وتعرية الجهالات وتحريك العقل الإنساني بزلزلة المسلمات الخاطئة بواسطة النقد لما حصل التطوّر الحضاري النوعي المتحقق) وهذا رأي الأستاذ إبراهيم البليهي. نعم هناك فرق بين أن تنقد وأن تُسفِّه، وفرق بين تحريك العقل بعرض الصواب والخطأ عليه وتسيّر العقل باتجاه واحد قبل اختيار ذلك الاتجاه. إننا أحيانا بل دائماً بحاجة لتحريك عقولنا أولاً قبل أن نمسّ عقول الآخرين، وجرّها على الطريق الذي اخترناه لأن هذا هو الذي ولَّد الكراهية والحقد والتعصب وهذا الثالوث يجرّنا للهاوية التي لا نريد حتى الاقتراب منها لأننا رأينا ماذا فعلت بغيرنا، فهل نتعظ ونشكر الله على نعمة العقل باستخدامنا إياها بإيجابية. [email protected]