أثار شجوني توجيه مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية د. عبدالرحمن المديرس للمرشدات الطلابيات في اجتماعه الأخير بضرورة معالجة أوضاع الطالبات الصامتات! وعدت بذاكرتي للوراء حين كنت طالبة صامتة! أرمق معلماتي بعين (المتسول)! وكأني أتمنى من إحداهن التفاتة تخرجني بها من قوقعتي. كنت أشعر بالغبطة وأنا أستمع لجرأة زميلاتي وانطلاقهن في الحديث وأعتصر بداخلي ألما ! لماذا لا أكون مثلهن ؟ سؤال آلمني سنوات حتى كان خلاصي منه على يد معلمة فاضلة لن أنساها ما حييت. لاحظت هذه المعلمة صمتي رغم أني طالبة مستقرة أسريا وأتمتع بذكاء جيد فأخذت بيدي وتعمدت اختياري للمشاركة في الإذاعة المدرسية، وكانت تسترق النظر حين يرتفع أصبعي على استحياء فتتلقف الفرصة لتكريمي على أدنى إجابة. أتذكر حين قفزت في ساحة المدرسة فرحا وقد علّقت على صدري وشاحا كُتب عليه: الطالبة المثالية، رغم وجود من هن أفضل مني وأذكر الشرائط الحمراء التي تعلقها بدبوس في ياقة مريولي تعبيرا عن تفوقي. ولن أنسى - ما حييت - صعودي للتكريم لأول مرة أمام كل الأمهات وكل الطالبات! ومازالت إيقاعات التصفيق الحار حينها باقية في أذني كسمفونية حالمة تأبى الرحيل. المعلمة ربيعة كانت نقطة تحول في حياتي حين كنت في الصف الرابع الابتدائي، كانت ينبوعا صافيا من الحنان أدركت أن طالبة مثلي يجب أن تتحدث وتنطلق، في حين كانت أمي الحنون تتفاخر حتى اليوم أمام أحفادها وجاراتها بالأدب الجم الذي يغلفنا ويجعلنا نتسمر مكاننا عند أي "إيماءة" منها. أمي الرائعة التي ظنت أن صمتنا أدب منفرد لو علمت بأن التغيير الذي أجد أثره اليوم لم يكن نتيجة الصمت، لكنه نتاج مسؤولية عالية من معلمة رائعة جزاها الله كل خير. بعد التحول الكبير الذي عشت تفاصيله تولدت معي أحلام جديدة فحلمت بأن أكون مذيعة !! ثم حددت هدفي الذي يتناسب مع مبادئي وقناعاتي وسلكت طريق الصحافة. اليوم وأنا أكتب كلماتي أتمنى لو كانت المعلمة ربيعة هي كل مرشدة طلابية لتخرج طالباتها من قوقعة الصمت إلى حيث الانطلاق والإبداع. وإن كان الصمت ليس إعاقة أو رهابا أو عنفا في كل الأحوال، وورد في الحديث الشريف: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت". @ghannia