يبدو أن الصورة التي عليها مدارس البنات، باتت مشوهة وغير واضحة، والسبب ما ترتكبه طالبات من مخالفات صريحة وواضحة، تحت أعين الرقابة في بعض الأحيان، من معلمات ومشرفات وإداريات، يقفن مكتوفات الأيدي تجاه تلك التصرفات، التي تبقى على حالها .. دون تغيير.. أو تعديل. ويتفق الكثيرون على أن سلوكيات بعض الطالبات دخيلة على المجتمع السعودي، مؤكدين في الوقت نفسه على أن هذه السلوكيات، باتت أمراً واقعاً في بعض المدارس، وتحتاج إلى وقفة صارمة، من وزارة التربية والتعليم للحد منها ومنعها، خشية انتشارها.. اختلاء في البداية تقول طالبة الثانوي منى الغامدي :" لا أستطيع أن أصف ما يحصل في بعض المدارس على غفلة من المعلمات والإدارة، ولقد شهدت بعيني اختلاء بعض الطالبات في دورة مياه المدرسة مع تكرار المشهد لشخصيات محددة، لكني لم أستطع السكوت فأعلمت إدارة المدرسة التي راقبت الطالبتين اللتين كانتا دائما ما تختليان في دورات المياه باستمرار أثناء أوقات الحصص، ولست استغرب منهما هذا التصرف نظرا لسلوكهما غير السوي، لكني استغرب سكوت الكثيرات من الطالبات على هذا الوضع، هل هو رضا ومباركة أم هو الخوف من ردة فعلهما.. أم أن الأمر أصبح مألوفا لديهن ؟! (البوي) وتضيف في ذات السياق الطالبة سهى عقيل إذ تقول :" نعاني في المدرسة من حالة الإعجاب لدى بعض الطالبات والتي تصل إلى الحب والغرام، كما نشاهد بين جدران المدرسة بعض الطالبات اللائي لا يستحين من ممارسة بعض التصرفات في ساحة المدرسة وأمام مرأى الطالبات البريئات اللاتي يتساءلن عن سر تلك الحركات والإيماءات من حولهن، ولا تقف المسألة عند حد الحب والغرام فقط، إنما تتقمص بعض الفتيات دور الشاب بشكلها الذي يميل إلى ما يسمى (البوي) بينما تكون الأخرى عادة جميلة ورقيقة، وأما أنا فإني أخجل من إخبار أهلي بما يجري داخل أسوار المدرسة، وذلك لثقتهم التامة بأخلاق البنات وخاصة في ظل إدارة جادة كإدارة مدرستي" . شخصية غير سوية سناء احمد معلمة تضيف حول محور حديثنا:" هناك بعض السلوكيات التي تضر الطالبة وحدها أو مجموعتها، أما الطالبة التي لا تحتك بتلك الفئة فهي بمنأى عن تلك السلوكيات" ومن واقع التجربة تسرد سناء مجريات قصة حدثت معها في قلب الفصل الدراسي فتقول :" ذات مرة كنت أشرح درسا في مادة الأدب واطلب من الطالبات كتابة الدرس، وفجأة ساورني شك في تصرف إحداهن، فتوجهت نحوها دون أن تشعر وأخذت دفترها، فإذا بها تكتب موضوعا آخر شعرت عندما قرأته بالغثيان والدوار، فما كتبته ينم عن شخصية غير سوية خرق لحرمة المدرسة ومن جانبها تقول المعلمة فاطمة عبد القادر :" تأتينا نماذج غير جيدة من عاملات المقصف العاملات لدى الشركات المتعهدة، وأذكر أن إحداهن كانت تحضر أرقام شباب وتوزعها على الطالبات في تحد صريح للعملية التربوية وخرق واضح لحرمة الحرم المدرسي، وبعد علم الإدارة تم فصلها لكن لم تكن البديلة بأفضل منها، ومن هنا فإني أطالب بعدم اختيار موظفات المقاصف بشكل عشوائي، فالطالبات صغيرات في السن ويتأثرن بسهولة بمن حولهن، ومن الواجب اختيار الأنسب والأصلح في مدارس البنات في ظل الظروف الحالية ". يتبادلن المراييل وتؤكد المعلمة حصة مبارك مبادلة الطالبات لملابسهن أثناء سير الحصص إذ تقول :" تعمد بعض الطالبات إلى تغيير مرايلهن وتبادلها أثناء وقت الدوام، وهذا أمر مقلق ولا يبشر بخير، فبعض الطالبات يتوجهن إلى دورات المياه ويقمن بتبادل مرايلهن أثناء وقت الحصص، وباعتقادهن أن المعلمة لا تكتشف هذا العبث" ، وتضيف حصة من زاوية أخرى:" هناك بعض الطالبات يقمن بفتح جزء كبير من الفتحة الأمامية للمريول، ويرفضن إغلاقها !!، وإدارة المدرسة تغض النظر عن هذا الموضوع من باب عدم تنفير الطالبات أو الضغط عليهن، ناهيك عما تتعمده بعض الطالبات من تناول (الآيس كريم) الأحمر لتلوين شفاههن صباحا كمخرج سهل من مأزق مخالفة وضع مساحيق التجميل الممنوعة نظاما" ! خرجت مع غريب وتقول فاطمة السعيد معلمة :" لا ننكر وجود بعض التصرفات غير المقبولة، فهي حديث تتناقله الألسن في المجالس وغرف المعلمات، ومن جهتها تضيف السعيد :" كنا قد ضبطنا بعض الطالبات وقد أحضرن ملابس فاضحة وأشرطة في حقائبهن، وقد تعاملت معهن الإدارة بما يلزم، ولا أخفي وقوفي على حالة من الطالبات كانت قد واعدت شابا في أيام الاختبارات ولم يحضرها للمدرسة في وقت حضور والدها لاستلامها، فحضر الأهل وبدؤوا في البحث عنها مع الشرطة حتى الساعة الثانية ظهرا، ولكم أن تتخيلوا حال الأم والأب في تلك الحالة ..!" كوني صديقة لابنتك أم محمد الزهراني ربة بيت تقول :" تذهب الطالبة إلى المدرسة رغبة في أن تكتسب سلوكيات أفضل، لكن ومع وجود بعض المفسدات تكون النتيجة عكسية" ، وتؤكد أم محمد عن تجربة شخصية إنها بتربيتها الجيدة لبناتها وتحصينهن بالدعاء ومصاحبتهن، كالصديقة والأخت استطاعت معرفة ما يدور في دواخلهن لكنها لا تنكر - على حد قولها - أنهن يعدن من المدرسة ،بثقافات جديدة كتسريحات الشعر الغريبة ومعرفة آخر موضة في الألوان وطريقة اللباس لكنه لا تصل الأمور إلى حد بعيد، فالتربية تمنع البنت العاقلة من الخطأ بإذن الله . حالات فردية من جانب المسؤولية أوضحت زينب هلال الغامدي - مديرة إدارة التوجيه والإرشاد بإدارة التربية والتعليم للبنات بالمنطقة الشرقية - أن تلك السلوكيات التي تحصل بالمدارس هي حالات فردية ولا تصل حد الظاهرة، وأضافت باستطراد :" مع أننا لا ننكر مثل هذه الحالات، فنحن لا نعيش في المدينة الفاضلة، والمدارس عادة تتعامل مع مثل هذه الأمور بالشكل المطلوب، وعادة لا تصدر تلك السلوكيات من البنات اللاتي عشن في بيئة سوية بل غالبا ما تصدر ممن نشأن في بيئات افتقدت الرعاية الأسرية، فيقود الفراغ العاطفي الطالبة للبحث عمن يملؤه "، وتضيف زينب من جانب التدابير والإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات :" يوجد في كل مدرسة مرشدة طلابية اختيرت بعناية لحل تلك المشاكل ودراسة أوضاع الطالبات اللاتي يتسببن بالتأثير على العملية التربوية والتعليمية أو محاولة التأثير على زميلاتهن، والطالبة التي يصدر منها سلوك منحرف يتخذ معها الإجراء الأولي وهو الإرشاد الجماعي، وهو توعية جميع الطالبات عن طريق الأنشطة والإذاعة تجنبا لتعيينها أو تحديدها، وإذا لم يتحسن حالها فإنه يتخذ في حقها الإرشاد الفردي ودراسة الحالة ومتابعتها من كافة الجوانب وهذه الخطة العلاجية تهدف إلى تقويم سلوك الفتاة لتعود عضوا نافعا في المجتمع، وأحيانا لا يقتصر العلاج على الطالبة فقط، ولكن يتعدى العلاج للأسرة فإن كان سبب سلوك الطالبة المنحرف ماديا تحاول المدرسة لهذه الطالبة وأسرتها محاولة انتشالهم من حالة الفقر عن طريق مخاطبة الشؤون الاجتماعية وتسجيل الأسرة وإعانتها، مع قيام المدرسة بتوفير كل متطلبات الطالبة بدءا من المريول والدفاتر وجميع المستلزمات، وفي سياق حديثها تضيف الغامدي:" يعتبر الفقر أحد أسباب وجود تلك الفئة، لأن بيئة الطالبات بيئة خصبة للتنافس فإذا لم تستطع الطالبة مجاراتهن فإنها تلجأ لسلوك آخر يلفت النظر إليها، والطالبة التي تتمتع بالقيادة هي فقط من تؤثر على محيطها " ومن واقع إحصاءات رسمية تقول زينب :" نسبة السلوكيات المنحرفة التي تصل إلينا قليلة جدا في مدارس التعليم العام، وتكاد تكون معدومة في بعض المدارس التي تتبع النظام المطور" ودعت الغامدي في ختام حديثها جميع الجهات للتكاتف من أجل العمليتين التربوية والتعليمية وخصت الشؤون الاجتماعية تحديدا التي تتأخر بعض الأحيان في دراسة الحالات المحولة لها من قبل إدارة التعليم الأمر الذي يؤخر علاج الطالبات وحل مشاكل أسرهن