فقدنا اليوم أحد رموز مدينة طريب، وواحد من أبرز المهتمين بها وبشأنها العام، وأحد أبرز مثقفيها، وأحد القلائل ممن لم تغيره الأهواء والمذاهب رحم الله سعيد بن شايع بن جبران بن عبدالله آل عادي وأسكنه فسيح جناته، كان على جادة واحدة لم تتغير منذ عرفناه، رأيه فيه استشراق وبعد نظر، ارتبط بوجدانه وقلبه وكل أحاسيسه بطريب حتى وإن بعد عنه كل تلك السنوات الطوال مكانياً كان أهالي طريب كغيرهم من أبناء المناطق الجنوبية تستهويهم القطاعات العسكرية، فما أن يسجل أحدهم في أحد القطاعات حتى يتسارع أبناء جيله وسنته للانخراط فيه، فكان أبو جابر استثناء مع قلة من أبناء طريب في وقته، ومنهم جبران بن سعيد بن راضي وسعيد بن محمد بن شلغم، وهم بالمناسبة بدأوا وظيفياً من المنطقة الشرقية، ثم اشترك الثلاثة في عوامل مشتركة كحب الاطلاع والقراءة والثقافة، والسكن في "عزبة" واحدة، بل في العوز وقلة ما في اليد في بداية حياتهم، حتى استقر كل منهم في منطقة من مناطق المملكة حتى وفى أجلهم. وظيفياً استقر سعيد بن شايع في وزارة الإعلام، فكان قريباً من كل المطبوعات وقد يكون لذلك اثر في شخصيته وثقافته، وكان أيضاً حريص على عمله وأن يقوم به على أكمل وجه وهو عامل مشترك مع ابن راضي وابن شلغم، ولا أدري كيف تكونت هذه الصفة في هؤلاء الثلاثة خصوصاً. زرته في وزارة الإعلام عام 1413ه (1993م) بعد طباعة كتابي الأول "سؤال وجواب" طلباً لشفاعته في أمر يخص هذا الكتاب، فأخذني إلى مكتب وكيل الوزارة الشيخ إبراهيم القدهي الذي استقبل أبا جابر استقبال الأخ لأخيه وكأنه يستقبل ضيفاً عزيزاً رغم أنه زميل عمل وموظف كغيره من الموظفين، وعرفت حينها بأنه يكن له كل الاحترام والتقدير لتميزه وحرصه وولائه المنقطع النظير لعمله ووطنه، دقائق وانتهى كل شي بل كانت هذه الدقائق بداية تغير جذري في حياتي المادية، وزاد عليها الوكيل نصائح جوهرية بأسلوب أبوي سلس فيما يتعلق بغلاف الكتاب وطريقة تصميمة. فقدنا اليوم واحد من الرعيل الثاني الذي يصعب تعويضه، وعزاؤنا في هذه الأسرة المباركة التي لا يستغرب نبوغ أبنائها ومشاركتهم في الشأن الاجتماعي الطريبي، فقد ترك لهم الشيخ شايع بن صمعه إرث كبير ومكانة عليا وسمعة ضاربة في كل الآفاق. كتبه/ حسين بن علي الفهري