لم تكن الصحف وجمهور كرة القدم في إسبانيا أكثر رحمة وتساهلا مع منتخب "لا روخا" بعد الخسارة صفر-2 أمام تشيلي الاربعاء، مما كانت عليه بعد الهزيمة الساحقة مع هولندا 1-5 الجمعة الماضي ضمن المجموعة الثانية لمونديال البرازيل. فقد نعت الصحف الإسبانية كما عشاق الكرة "حقبة الابطال"، التي وصلت الى نهايتها بالنسبة لمنتخبهم الوطني المقصى من كأس العام التي يحمل لقبها، اضافة الى لقب الكأس الاوروبية مرتين. وتصدرت صور نجم الوسط أندريس أنييستا ورأسه بين يديه الصفحات الاولى للصحف اليومية الاسبانية، وأحيانا على حساب صورة الملك الجديد فيليبي وهو يؤدي اليمين. "النهاية... نهاية رهيبة لأكثر الحقبات مجدا"، هو العنوان العريض لصحيفة "ماركا" الرياضية المدريدية التي أردفت: "وداعا للسنوات الذهبية". وكتب الصحافي في ماركا سانتياغو سيغورولا: "إنها نهاية جيل ممتاز وبداية حقبة جديدة"، معيدا سبب الخسارة امام تشيلي الى "الأخطاء الكبيرة والشعور بالانكسار اضافة الى الارهاق". وأضاف: "تحد هائل ينتظر الجيل الجديد الذي سيكون عليه استعادة الهيبة الاسبانية المفقودة بشكل فجائي". واعتبر المحلل في "ماركا" انخيل لارا من جهته ان خروج ابطال 2010 من الدور الاول هذا العام سيعني نهاية المسيرة الدولية لنجوم التشكيلة الاسبانية في الاعوام الاخيرة امثال تشافي هرنانديز والهداف دافيد فيا وفرناندو توريس وتشابي الونسو. أما حارس المرمى المخضرم ايكر كاسياس الذي اعتذر من الجمهور الاسباني لسلسلة الاخطاء التي ارتكبها في مبارتي تشيليوهولندا، فلم يكن يعتزم اعتزال اللعب دوليا في الوقت الراهن. لكن وبحسب لارا، ربما عليه أن يفكر بالموضوع اليوم. - لا تعتذروا... - "كانت أياما جميلة لكنها انتهت"، عنوان معبر آخر تصدر الصفحة الاولى للصحيفة الرياضية "اس"، التي نشرت صورا تستذكر فوز اسبانيا في كأس العالم 2010 وكأس الامم الاوروبية 2008 و2012. وجاء في عناوين الصحيفة: "لا تعتذروا، نحن مدينون لكم بالكثير". غير أن التحليل داخل الصحيفة كان صارما بعض الشيء، فالنهاية "كانت رهيبة"، بحسب ما كتب المعلق خوانما ترويبا، الذي ربط بين فشل إسبانيا وتراجع أداء برشلونة في المواسم الاخيرة. فلاعبو النادي الكاتالوني وأسلوب "تيكي تاكا" الذي طبعه أثروا بقوة على المنتخب الوطني. وأضاف ترويبا: "كان لا بد للأمر أن يحصل يوما، وهذا امر مفهوم، لكننا لم نتصور ابدا وداعا مثيرا للشفقة الى هذا الحد، من قبل فريق بدا سيئا وغير معهود". وكانت الانظار في اسبانيا مشدودة الاربعاء الى قسم اليمين للملك الاسباني الجديد فيليبي خلفا لوالده خوان كارلوس. هذا ما أعطى حجة لبعض الصحف الكبرى مثل "ال بايس" لتجنب التركيز على الخسارة الكروية على صفحتها الاولى، فكتبت بعنوان صغير في موقع متدن عن المساحة المفردة للخلافة الملكية: "كارثة إسبانيا في كأس العالم". غير أن "ال بايس" رأت في خروج اسبانيا من المونديال "كابوسا سيبقى في الذاكرة الى الابد، مثلما ستبقى النجاحات". أما الصحيفة الكاتالونية "موندو ديبورتيفو" فكتبت بعبارة مقتضبة ومعبرة "لقد استسلموا"، ناشرة صورة للاعبين الاسبان برؤوسهم المنحنية. واعتبر الكاتب سانتي نولا أن "فريق دل بوسكي الناجح سقط، وبات من الواضح أنه يحتاج اليوم الى التجديد". وأضاف: "في العامين الماضيين، لعب الفريق وفق أسلوب تمرير قوي، تميز بحركة سريعة ومكثفة للكرة، وبغياب هذه الميزات لم يستطع الفريق فرض أدائه". _ أجواء من الحسرة والحزن - وكانت الوجوه المتجهمة للمشجيعن خلال متابعتهم الخسارة امام تشيلي في احدى حانات مدريد خير معبر عن اجواء الحسرة والحزن التي باتت تطبع جمهور "لا روخا". وكلمات مدير المبيعات مانويل ليستا (51 عاما) خير دليل على هذه الاجواء: "كيف أشعر؟ حزن وأسى، لا شيء أكثر. إلا أن النتيجة طبيعية، فنحن لم نلعب جيدا". وأضاف: "ليس المنتخب الاسباني في حالة جيدة وهذا كل ما في الامر. أنا ضليع بكرة القدم وتوقعت أن يحصل ما حصل". ويلقي ليستا باللائمة على المدرب فيسنتي دل بوسكي لفشله بضم جيل جديد من اللاعبين قبل عامين. وقال خوان تامايو، وهو مشجع آخر تابع مباراة تشيلي عبر شاشة عملاق خارج ملعب النادي الملكي ريال مدريد: "كان يفترض أن نكون الأفضل، أبطال العالم، لكنهم أذلونا، أذلوا إسبانيا".