قطف سلطان الشامي الشاب الطموح الذي يقطن المنطقة الشرقية ثمار صبره ومثابرته في عالم المال والأعمال، وذلك بعد أن بدء بائعاً صغيراً للخضار والفواكه في الأسواق الشعبية في القطيف، إلى أن وصل إلى تحقيق الأرباح الجيدة من بوابة الجبيل عبر نشاط المقاولات. وفي الوقت الذي لم يتوقع فيه أن تصيبه نكسة كادت تطير بأحلامه، وتمثلت في سن الأنظمة العمالية الجديدة في السوق المحلية، الأمر الذي دفعه إلى قفل نشاطه والتفكير في أعمال تجارية أخرى يبحث فيها عن ذاته وهي المجال العقاري، وبيع مواد البناء والكهرباء، والذي حقق معها نجاحات كبيرة نتيجة صبره، واستفادته من التجارب القاسية التي مر بها في العمل التجاري منذ دراسته. يقول الشامي: "البدايات والمرحلة الأولى دائماً تكون الفترة الصعبة في شتى المجالات، لا سيما في مجال عالم الأعمال أو الحياة الاجتماعية. فلا بد لك أن تتغلب عليها ولا تقف عندها أو عند محطتها، لا بد أن تكافح وتثابر لتذلل الصعاب. عملي في مدينة الجبيل ودراستي في مدينة الخبر كانت مرحلة شاقة، كما كانت مرحلة ما بعد الدراسة وافتتاح مشروعي في نشاط المقاولات بمدينة الخبر، إلى أن قدمت استقالتي من الشركة وتفرغت لعملي الخاص بالمقاولات". درس سلطان الصفوف الأولى في الخبر وكانت - حسب وصفه - من أمتع مراحل حياته، لأنها نشأت فيها بوادر الشخصية القيادية وهو يخالط مجتمعاً جديداً. حيث يقول: "دخلت عالما مختلفا عن عالم المنزل في تلك المرحلة، عالما كان في نظري كطفل واسع مليء بالمعرفة. ولعل أبرز في تلك المرحلة احتفاظي بفواتير المشتريات التي تكتب لأبي - رحمه الله - من مشتريات الأرزاق وفواتير صيانة المنزل في حقيبة سفر. هذه البادرة أعتبرها من بوادر دخولي عالم المال والأعمال؛ لأني كنت أقوم باحتساب المبالغ وترتيب تواريخ الفواتير حسب الأقدمية، وربما كانت هذه الخطوة هي الأولى نحو التجارة" . انتقل سلطان مع أسرته إلى مدينة الظهران فأكمل مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي في تلك المدينة، ويقول عنها: " المرحلة الثانوية هي مرحلة النضج الفكري، لأنني كنت منتظماً في المدرسة صباحاً وأعمل لدى شركة من بعد صلاة العصر حتى منتصف الليل؛ كي أتمكن من الاعتماد على نفسي. لقد دخلت المجال الوظيفي مبكراً، وتعلمت من تلك المرحلة الشيء الكثير، الذي أفادني في مجال حياتي فيما بعد حتى في وقتنا هذا. فقد أصبحت أُحسن التصرف مع الآخرين باللباقة فيما يخصني ويستجد عليَّ من أمور الحياة المختلفة". يحكي رجل الأعمال سلطان بن حمد الشامي عن بدايته في عالم الاعمال وكيف كانت خطواته الأولى، فيقول: "لا أخفي عليكم أنني كان لدي بعض الاجتهادات في أمور التجارة منذ صغري، حيث كنت أذهب لمدينة القطيف لأبيع بعض المقتنيات، فهذه المدينة تشتهر بسوق شعبي كبير، ورواد تلك السوق من السائحين كثر، وكذلك كانت لي تجربة في بيع الخضار والفاكهة على قارعة الطريق. أما بداياتي الحقيقية في عالم الأعمال فكانت حينما عملت في مدينة الجبيل، وشاهدت تلك المدينة الرائعة فسحرتني بمصانعها العملاقة واحتياج السوق والمدينة الصناعية فيها بكثرة للأيدي العاملة، فتولدت عندي فكرة إنشاء مشروع المقاولات، وتم وضع أول لبنة في مجال عالم الأعمال". وتابع:" في بداية أعمالي كمقاول بدأت المنشأة بداية موافقة - ولله الحمد - وجرت الأمور على أكمل وجه وبدأت أقطف ثمار الاجتهاد والصبر على ذلك العمل. ومن المواقف التي أذكرها حينما دخلت مجالا آخر وهو مجال العقار كانت البداية موفقة أيضاً - ولله الحمد - وتملكت عقارات. يسترجع سلطان بذاكرته المصاعب التي مر بها في بداية حياته في عالم الأعمال وكيف تغلب عليها، ويقول: أولى تلك الصعوبات البيروقراطية في أداء الدوائر الحكومية ذات الاختصاص في مجال التجارة. كذلك المنافسون والتسويق للمنشأة ودخولها كمنافس لتلك المنشآت من حيث السعر والجودة في أداء العمل. ولقد تغلبت على تلك المصاعب بالعزيمة والإرادة، كما واجهتها بالمشورة وأخذ النصيحة من أهل الاختصاص وقبل ذلك كله هو التوكل على الله. وعن سلبيات البداية يقول سلطان: "السلبيات في حقيقة أعماقها هي أصل النجاح لأنك تتعلم منها، ولا يخلو الإنسان من الأخطاء، لكن هناك مصدرون مشتركون؛ الأول من وزارة العمل وهي إعطائي تأشيرات عمل قليلة بمهن فرضت علي مسبقاً وليس لي حق الاعتراض على ذلك. أما الثاني - وهو أشد من الأول - أنه في حال التعاقد مع الشركات لا يتم الانتظام في سداد أجور العاملين في الوقت المبرم بين المنشأة والشركة المتعاقدة وليس بمقدور المنشأة تسيير العمل إلا أن وفقت للعمل مع شركات أخرى تنتظم بالسداد". وأضاف الشامي : "عند نجاحي في إدارة مشروعي للمقاولات على أكمل وجه لمدة تزيد على ثلاث سنوات، أتت ظروف مغايرة، ومن يقدر على السباحة عكس التيار، حيث توجهت الدولة لتصحيح أوضاع العاملين في المملكة، وهو ما أرغمت معه مجبراً على إغلاق نشاط المقاولات لعدم وجود عمالة بشرية عندي أواكب بها تطلعات سوق العمل، واضطررت إلى التوجه لمجال آخر، وهو التجارة بالجملة والتجزئة في مواد الكهرباء والصحية ومواد البناء، ووفقني الله وله الحمد والمنة في هذا المجال وأسست مؤسسة سلطان الشامي التجارية بمدينة الخبر، ولدي تعاقدات مع جهات حكومية منها وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة الحرس الوطني وكذلك جامعة البترول والمعادن أيضاً أنا بصدد التعاقد مع جهات حكومية وغير حكومية لاحقاً". وزاد: "ليس ثمة أخطاء جسيمة كدت أقع فريسة لها أو كان من الممكن أن تكون قاضية.. مجرد كبوات، ولكل جواد كبوة، ولا ريب أن كل مرحلة من الحياة لها عقباتها؛ كانت المراحل الأولى لأي مشروع أخوض فيه تأخذ مني وقتاً، لكنه ليس بوقت طويل، إنما على حسب الظروف وطبيعة المرحلة، وسرعان ما اكتشف أن ما اعترضني من مآزق وكبوات تقوي عزيمتي ولا تكسر حزمي". لكن ماذا اكتسب سلطان من عالم الأعمال بخلاف المال والمنصب بعد هذه التجربة وما الأخطاء التي ندم عليها.. يجيب:" اكتسبت من هذه التجربة المعرفة وحسن التصرف مع الآخرين والسمعة الطيبة. ولا شك في أن هناك أخطاء في الطريق، لكن بالعزيمة والإصرار وتفادي هذه الأخطاء أولاً بأول يمكن للمرء تدارك الأمور. أما عن الندم، فلله الحمد لم أندم على عمل عملته مسبقاً لإيماني بقضاء الله وقدره".