عكست افتتاحيات الصحف العراقية الصادرة أمس الأربعاء، حالة الذهول والاستغراب التي سادت البلاد بعد سقوط محافظة نينوى الشمالية في أيدي مقاتلين جهاديين إثر الانهيار المفاجئ والسريع للقوات الحكومية أمامهم. وكتبت صحيفة «الصباح الجديد» المستقلة في مقالها الافتتاحي «بكلمات بسيطة انهارت دفاعات الموصل وانهارت معها الحقيقة. فلم نعرف وربما لن نعرف أبداً، من تخاذل؟ ومن خان العراق؟ ومن تعاون مع داعش؟»، في اشارة الى تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام». وأضافت الصحيفة: «مات (...) الأمل العراقي باستعادة الثقة الوطنية بمؤسسة الجيش. مات فينا ذلك الفخر النابع من احترامنا لتاريخ هذه المؤسسة العراقية الكبيرة». وتابعت: «العراقيون أهل كرامة، وأهل شجاعة، وهل حنكة في المعارك، وأمام التحديات.. إنما، كيف أوصلنا أهل الحكم إلى هذا الدرك؟». وتحت عنوان «داعش ليسوا أشباحاً أو كائنات فضائية»، كتبت صحيفة «كل الأخبار» أنه «في عملية هي اقرب الى النكتة الامنية منها الى العملية العسكرية (...) قامت المجاميع الارهابية ممثلة بداعش، باحتلال الموصل واسقاطها وسط ذهول واستغراب كل المحللين العسكريين وحتى الناس العاديين». وأضافت: «إرهابيو داعش ليسوا أشباحاً أو كائنات فضائية جاءوا من مواكب أخرى، إنهم مجاميع بشرية لهم عيون وخشوم، وعادة ما يكونون مدججين بالسلاح، ويستقلون سيارات ذات مواصفات فنية». وسألت من جهتها، صحيفة «المدى» في مقالها الافتتاحي: «كيف ينفتح الطريق أمام هؤلاء المرتزقة؟» وأين هي أجهزة الرصد؟ (...) وكيف وصلت القطعان الى اطراف المدينة ثم قلبها دون ان تتمكن القوات المسلحة (...) من تعطيل زحفها على الاقل وهي تمر بأرض مكشوفة؟». وأضافت: «لماذا لم تبادرها القوات الجوية وتعطل حركتها وتشلها، إن لم تنجح في القضاء عليها؟ (...) أين الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمخابراتية؟». وسقطت الثلاثاء، مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق ومحافظتها نينوى الواقعة في شمال العراق عند حدود اقليم كردستان والمحاذية لسوريا خلال ساعات بأيدي تنظيم «داعش»، في حدث استثنائي مفاجئ يهدد بكارثة أمنية كبرى. وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤولون عراقيون عن خروج محافظة بكاملها عن سيطرة الدولة العراقية. وسرعان ما امتدت سيطرة هؤلاء المقاتلين الجهاديين الى مناطق مجاورة لنينوى في محافظتي صلاح الدين وكركوك. وفي ضوء هذا التدهور الامني، دعت الحكومة العراقية البرلمان الذي سيعقد جلسة طارئة الخميس الى اعلان حالة الطوارئ في البلاد، وتعهدت تسليح كل مواطن يتطوع لقتال «الارهاب»، معلنة التعبئة العامة. وتلقي أحداث نينوى الضوء مجدداً على عجز القوات الامنية والعسكرية العراقية التي يبلغ عديدها نحو مليون عنصر، عن وقف التدهور الامني المتواصل منذ اكثر من عام، والذي يغذيه الاستياء السني من السلطات التي يسيطر عليها الشيعة، والنزاع في سوريا المجاورة.