أطلق ناشطون في المعارضة السورية حملات في مناطق سيطرتها وعلى مواقع التواصل الاجتماعي رفضاً لما يسميه نظام بشار الأسد «انتخابات رئاسية» تجري اليوم الثلاثاء ووصفوها ب «انتخابات الدم». وتمزج هذه الحملات بين السخرية والنقد اللاذع لما يوصف بالانتخابات التي ستجري في مناطق سيطرة النظام وأقل شيء يمكن أن يطلق عليها هو «المهزلة» بعينها لأن قائد نظام استبدادي لا يمكن أن ينسجم مع مبادئ الديموقراطية أو يتجاوب وتطلعات الشعب، لا سيما وأن هذه «الانتخابات» تأتي في خضم نزاع دام أودى بحياة اكثر من 162 الف شخص خلال اكثر من ثلاثة اعوام. في حلب كبرى مدن شمال البلاد، يقوم الرسام جمعة، بطلاء حاويات القمامة باللون الابيض لتحويلها الى «صناديق اقتراع». وكتب الشاب على الحاويات شعارات تخاطب بشار الأسد مثل «مكانك» (مكانك في هذه الحاويات) و«منكبك» (نرميك في هذه الحاويات) ساخرا من شعار «منحبك» الذي يرفعه شبيحة وأزلام النظام العلوي. وقام جمعة بطلاء الحاويات في عدد من الاحياء التي تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب، وعمد القاطنون الى رمي اكياس المهملات فيها. ويعمل هذا الرسام بالتنسيق مع مجموعة من الناشطين تعرف باسم «الإعلامي المرح»، تسعى الى طلاء حاويات في كل الاحياء التي تسيطر عليها المعارضة في شرق المدينة التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد قبل ان تندلع فيها الحرب في صيف 2012. ويقول جمعة لوكالة فرانس برس، انه مع حلول موعد الانتخابات في الثالث من حزيران/يونيو، «ستكون حلب غطيت بالكامل». ويضيف بسخرية: «سيرى بشار حينها كيف سينجح عندنا نجاحا ساحقا». ورحب سكان الاحياء التي تتعرض منذ اشهر لقصف جوي عنيف، بالبراميل المتفجرة خاصة، بالحملة التي يرون فيها وسيلة لايصال صوتهم. ويقول الشيخ بكري امام مسجد، إن ثمة «حقيقة يجب معرفتها، وهي ان القاتل المجرم بشار الذي رشح نفسه ليكون رئيسا لهذا البلد، مكانه الصحيح ليس رئاسة البلد بل رئاسة هذه الحاويات». ويضيف: «نحن جهزنا هذه الحاويات لنضعه في مكانه الصحيح». والحملة في حلب واحدة من حملات اخرى في مناطق مختلفة، لاقى بعضها رواجاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وتتخذ احدى هذه الحملات شعاراً لها «انتخابات الدم». ويظهر في الشعار «برميل متفجر» تسقط فيه ورقة اقتراع ملطخة بالدم كتب عليها «سوريا». كما طبع على البرميل رمز السلاح الكيميائي الذي تتهم المعارضة ودول غربية النظام باستخدامه مراراً خلال النزاع. ويرى ناشطون ان الانتخابات هي محاولة يائسة لمنح «شرعية» لنظام دموي يستخدم العنف وسلاح الطيران ضد شعب أعزل في مناطق مدنية. حيث قتل حوالي ألفي مدني منذ كانون الثاني/يناير 2014 في قصف بالطيران على أحياء سيطرة المعارضة في مدينة حلب وريفها. وتقول سوزان أحمد، وهي واحدة من منظمي الحملة: «الأسد قتل عدداً هائلاً من الناس، ومن غير المنطقي على الإطلاق أن يبقى رئيساً». وتضيف لفرانس برس عبر الانترنت: «أطلقنا هذه الحملة لأنه لم يكن في امكاننا ان نبقى صامتين بينما يستفيد الاعلام الرسمي من هذه الانتخابات لبث حملة بروباغندا تقول: ان النظام شرعي». وتشير الى ان ناشطين معارضين خاطروا بحياتهم لايصال الحملة الى مناطق سيطرة النظام لا سيما في دمشق وحماة (وسط)، حيث قاموا بتوزيع منشورات ضد بشار الأسد. وبث ناشطون شريطا مصورا على موقع «يوتيوب» قالوا: انه لتوزيع منشورات في حماة. ويظهر الشريط من الخلف، امرأة محجبة تسير وتقوم بلصق منشورات باللونين الاحمر والاصفر على ابواب منازل وزجاج سيارات. وتشير الناشطة سوزان الى ان الحملة ضد انتخابات الأسد «مشروع تشاركي. يوميا يقوم افراد من كل انحاء سوريا وبلاد اخرى بارسال اشرطتهم المصورة ومساهماتهم (لنشرها على صفحة حملة +انتخابات الدم+ على موقع فيسبوك). كما تلقينا قصيدة بعنوان +انتخابات الدم+ من لاجىء سوري مقيم في لبنان». ولجأ ناشطون الى الاشرطة المصورة لنقل رسائلهم، ومنهم مجموعة تطلق على نفسها اسم «ضايعة الطاسة» التي نشرت شريطا مدته خمس دقائق و35 ثانية، لاقى رواجا واسعا على مواقع التواصل. ويظهر الشريط شابا فقد احدى رجليه يشاهد بداية اشرطة دعائية للأسد ممزوجة بمشاهد من قصف قواته على مناطق مختلفة في البلاد. ويقوم الشاب لاحقا بجمع حجارة ورصفها على التراب قبل ان يمسك بالقرآن ويقرأ آيات فيه. ثم تبتعد الكاميرا رويدا رويدا، لتظهر الشاب ممددا الى جانب شعار «سوا» (معا) وقد كتب بالحجارة المرصوفة، في اشارة الى شعار الحملة الانتخابية للأسد وتظهر في نهاية الشريط عبارة «سوا للموت» (معا الى الموت). وأدت دموية النظام السوري الى مقتل أكثر من 162 ألف سوري، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. ولا يوجد سباق نحو الرئاسة في سوريا، لأن بشار الأسد لا يواجه أية منافسة، رغم أن ما يسمى «اللجنة العليا للانتخابات» أوقف الدعاية الانتخابية لمرشحين آخرين هما عضو مجلس الشعب ماهر الحجار والعضو السابق حسان النوري، تمهيدا لبدء الاقتراع اليوم. واشارت الى ان الوقت المخصص للاقتراع قد يمدد الثلاثاء لمدة لا تتجاوز الخمس ساعات «في حال كان الإقبال كثيفاً على صناديق الانتخاب». ويوصف المرشحان الرئاسيان الى جوار الأسد بأنهما مجرد «ديكور». ودعي الى الاقتراع، بحسب وزارة الداخلية السورية، 15 مليون ناخب، إلا ان العملية الانتخابية ستقتصر على المناطق التي يسيطر عليها النظام والتي يعيش فيها، بحسب خبراء، ستون في المائة من السكان، علما ان هناك ثلاثة ملايين لاجئ خارج سوريا أدلت نسبة محدودة جدا منهم باصواتها في السفارات السورية الاسبوع الماضي. وعلى الرغم من انها ستكون نظريا «الانتخابات التعددية» الاولى في البلاد، لكنها فعليا لا تختلف عن «الاستفتاءات» السابقة التي أبقت بشار ومن قبله والده حافظ الأسد في السلطة مدى عقود. ونقلت صحيفة «الوطن» القريبة من السلطات عن مصادر امنية ان خطة متكاملة بدأت منذ صباح الأحد في كل المدن السورية لحماية الناخبين والمراكز الانتخابية، وأن قوات النظام في حالة استنفار تامة لتوفير الأمن والأمان للسوريين الراغبين بممارسة حقهم وواجبهم الانتخابي. وشددت المصادر على ان «كافة المراكز الانتخابية آمنة ولا يوجد أي داع للقلق». واعلنت السلطات ان المراكز الانتخابية المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية بلغت 9601 مركز انتخابي تضم 11776 صندوقا موزعا على كل المحافظات السورية. وتسري شائعات في دمشق مفادها ان المراكز الانتخابية التي ستفتح الثلاثاء من السابعة صباحا الى السابعة مساء، قد تتعرض لقصف من مواقع مقاتلي الثورة الشعبية في محيط العاصمة. وذكرت وكالة أنباء النظام السوري (سانا) ان وفدا روسيا يضم برلمانيين واعضاء من اللجنة الانتخابية المركزية لروسيا الاتحادية وصل الى دمشق «لمواكبة الانتخابات». كما يتوقع ان تكون هناك وفود مراقبين من دول صديقة للنظام للغاية نفسها، من كوريا الشمالية وايران والبرازيل.