في بداية مشواري الشعري، وأول ما ابتدأنا، والأوراق تغنّي “هدا هدا» كانت رؤيتي للقصيدة قافية صعبة وصف كلام وشوي “هواش”، حتى تكون قصيدة عصماء وكنت وقتها أرى نفسي شاعر زماني، وأعيش في أبراج عاجية سرعان ما تحطمت في نقاش مع والدي -معلمي سابقا وحاليا- حين قال: “اللي تكتبه ماهو شعر” لا أنكر شعوري بالانكسار حينها، ولكن أقسمت أن آتي ب “صح لسانك”، اللي تدسّم الشارب وبعد ليلتين أهداني أول كتاب أقرأه. «ماينقش العصفور في تمرة العذق” “لسميّي” الأمير بدر بن عبدالمحسن، كان غلافه يتنفّس، وصفحاته تتحدّث، يعلمك كيف أن الشعر أكبر من وزن وقافية، وأنه صناعة واختراع، وعليك أن تختار المكان الذي لم يخلق لأحد سواك . يقول والدي: “الشعر مثل الأرض حرث وزرع وحصاد، فإن أردت معاودة الزرع فأصلح التربة، وأبدأ من جديد، وكذلك أنت أعد إصلاح شاعريتك بالقراءة»، أعدت إصلاح شاعريتي وتجددت ولازلت في مراحل الإصلاح لأتجدد. أذكر أول بيتين حفظتهما عن ظهر قلب ل حاتم الطائي: نِعِمّا مَحَلُّ الضّيفِ، لو تَعلَمينَهُ بليل إذا ما استشرفته النوابحُ تقصّى إليَّ الحي، إما دلالة عليّ، وإمّا قادَهُ ليَ ناصِحُ على طاري حاتم الطائي كنت مرّه في منازله “توارن” الواقعة شمال غرب مدينة حائل 40 كم، وبينما كنت أعانق صديقتي الشقراء (قهوتي)، في جلسة ربيعية ممطرة ، مرنّي زوار من الإمارات، معهم شيخ كبير فسألني الشيخ : وين دار حاتم الطائي؟” فأشرت إلى طريق ترابي وعر وبقايا أسوار طينية متهدمّة تشبه تجاعيد يديه التي عثا فيها الزمن. قال بلهجته البسيطة مستغربا:”هالخراب دار حاتم الطائي؟ شو تقول ياريّال؟ بلاها جي؟» قلت والخجل يقتلني:”هيئة السياحة والآثار لا اهتموا ولا خلونا نهتم» قال: “تدري لو هالقرية عندنا بالإمارات، كانها الحين “مضيف” يشرّف اسم حاتم الطائي، والعالم كله يسولف عنّه.» رحل وأنا أنظر للقرية وأتخيّل كلامه، لو أصبح حقيقة، وكانت هذه المنازل قرية تراثية متكاملة ومركزاً ثقافيا ومضيفا حاتميا لزوار المنطقة، يوظّف به شباب من أهلها لاستقبال الزوار وضيافتهم وإرشادهم سياحياً مع بعض كبار السن؛ ليقصّوا القصص التاريخية الخاصة بالمنطقة، وكيف لو كانت تلك المنازل في دول تهتم بالتراث مثل: الامارات أو قطر كيف تكون حالها؟! يقول حاتم الطائي: أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمحل جديب وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى ولكنما وجه الكريم خصيب