رأى وزير العمل اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بطرس حرب في مطالبة رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون بإحالة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي الى القضاء العسكري في ما بات يعرف ب "قضية الاتصالات" ان "من حق كل أحد أن يطالب بما يرتأيه، لكن من دون أن يجعل من نفسه مدعياً عاماً وخصماً في الوقت عينه". واعتبر ان طريقة التعاطي في هذا الملف كان فيه "أخطاء متبادلة". الوزير بطرس حرب يتحدث للزميلة صفاء . « اليوم» وفي الملف الحكومي أوضح حرب في حديث خاص إلى "اليوم" ان هنالك "حركة ممانعة من جانب رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف نجيب ميقاتي للرضوخ أمام مطالب قوى 8 آذار"، مؤكداً انه "اذا استسلما لشروط 8 آذار لكانت تشكلت حكومة على ذوق وقياس هذه القوى". واعلن ان "هنالك مسؤولية تاريخية ستترتب على من يعرقل تشكيل الحكومة"، محملاً اياهم "تعريض البلد الى الخطر". وقرأ في لقاء بكركي - 2 "انطلاق لمسيرة لن تقتصر على الموارنة فقط، فهذه خطوة اولى على طريق طويلة يمكن ان تمهد لعقد اجتماع موسع مسيحي مسيحي وليس لقاءً مارونياً فقط". وفيما يلي نصّ الحوار: ما رأيك بمطالبة العماد عون بإحالة اللواء ريفي إلى القضاء العسكري في قضية وزارة الاتصالات؟ من حق كل واحد أن يطالب بما يرتأيه ولكن هذا الموضوع يجب ان يترك العمل للقضاء دون أن ينصِّب كلٌ منا نفسه قاضياً محل القضاء، ومن دون أن يجعل واحدنا من نفسه مدعياً عاماً، وينظم ورقة طلب ويدعي على الناس ويطلب من القضاء أن يتحرك. كيف تقيّم طريقة التعامل مع هذا الملف؟ طريقة التعاطي في الملف كان فيها خطأ، والأخطاء متبادلة.. في ظروف كالظروف التي تجتازها البلاد يجب على الوزراء المكلفين بتسهيل الأمور، وهم وزراء في وزارة مستقيلة يجب عليهم تفادي دفع البلاد نحو مشكلات جديدة وتأجيل ما يمكن أن تنتج من صراعات لا حلّ لها ولا فائدة منها، وبالتالي السعي لعدم خلق ما يسمى الصدمات المتتابعة التي تدفع الناس إلى اليأس أكثر فأكثر، وتعطي الانطباع أن صورة الدولة تسقط وتتدهور أكثر فأكثر. ماذا بعد المراوحة في تأليف الحكومة اللبنانية؟ ثمة من يتحدث عن حكومة أمر واقع أو فراغ مستدام؟ بعد مرور حوالي أربعة أشهر على تكليف الرئيس ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة وبعد انكفاء قوى 14 آذار على المشاركة في الحكومة بإعلان طوعي بعدما طرحت أسئلة على الرئيس المكلف ولم يجب عليها لمعرفة السلوك السياسي الذي سيقوم به تجاه بعض القضايا المطروحة الي تهم الوطن. فوجئ اللبنانيون بعدم وجود اتفاق على الشكيل بين القوى الحليفة, وهنالك عملية شروط وشروط مضادة ما عطّل التأليف وجعل الرئيس المكلف عاجزاً عن إنجاز مشروع يتفق مع القوى التي كلفته. ما انعكاسات ذلك على الواقع اللبناني؟ للأسف فإن الحاجة لتأليف الحكومة رتبت نتائج سلبية كثيرة على صعيد الوطن أولاً أوجدت حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلد مما ادخل نوعا من الخوف على النظام السياسي لاسيما ان المطروح من قوى 8 آذار عامة والعماد ميشال عون خاصة مخالف للدستور ويجعل من القوى السياسية هي المؤلفة للحكومة وليس رئيس الجمهورية والحكومة. وهذا يضع النظام السياسي على المحك ويزيد المخاوف بالاضافة الى انعكاسات هذه الأمر على الوضع المعيشي والاقتصادي وعلى سير أمور الدولة وتدني نسبة النمو التي بلغت العام الماضي 8 % الى 2%. التدخل في شؤون لبنان هو مسعى دائم وكل الاحتمالات مفتوحة لحصول أي شيء وخصوصاً في عدم توزان الداخل يعود الى عدم وجود حكومة ما يجعل البلد غير متماسك على الاطلاق. ما المطلوب إذن؟ الانعكاسات السلبية تجعلنا أمام خيارات كبيرة اما ان يستمر الرئيس المكلف بمهمته بالاتفاق مع رئيس الجمهورية وبالتالي ان يتمكن باتفاق مع الرئيس سليمان بوضع صيغة اما ان يوافق عليها مرشحوه أو يقدمها الى مجلس النواب ويطرحها للثقة، أما الخيار الثاني أن يعتذر رئيس الحكومة عن التكليف وبالتالي يصار الى استشارت نيابية جديدة. ماذا ان سيطرت قوى 8 آذار على قراري رئيسي الجمهورية والحكومة؟ حتى الآن هنالك حركة ممانعة من جانبهما ولو استسلما لشروط 8 آذار لكانت تشكلت حكومة على ذوق وقياس قوى 8 آذار. الا ان رئيس الجمهورية بحسب أحكام الدستور حامي الوحدة الوطنية وراعي الحياة السياسية لا يستطيع هيكلة البلد على قياس 8 آذار، ففي لبنان أشخاص مستقلون غير قوى 8 و14 آذار وهو بصورة أساسية يمثلهم. ممن تأتي كلمة السر لتأليف الحكومة؟ من عدة أطراف، أولاً هنالك اللعبة الداخلية، ثانياً هنالك قسم من اللبنانيين اعتاد تنسيق مواقفه مع رغبات خارجية (اقليمية ودولية) لاسيما ان الفريق اللبناني المتعاون مع سوريا في سنوات الوصاية والذي افتقد لهذه الرعاية في السنوات الماضية متعطش لعودة سوريا الراعية والحماية لمصالحهم مواقعهم في السلطة. هل تعتقد ان انشغال سوريا بالداخل ساهم في تأخير تقديم المساهدة لهذا الفريق؟ بالتأكيد، وهنالك نظرية تقول: لو كانت سوريا غير منشغلة بداخلها لكانت استطاعت التوفيق بين حلفائها في لبنان وبالاضافة الى هذا السبب اعتقد ربما ان السوري لا يدرك التطورات الحاصلة في العالم العربي وفي سوريا خصوصاً وهامش المناورة الذي يبقى له في التعاطي بالشأن اللبناني يجعله يتريث. واؤكد ان هنالك مسؤولية تاريخية ستترتب على من يعرقل تشكيل الحكومة. لأنهم يعرضون البلد الى الخطر. كيف تقرأ مطالبة رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" بكل الحصة المسيحية في الوزارة؟ تعجيزية، غير قانونية و غير دستورية ومرفوضة. وأؤيد موقف سليمان وميقاتي برفض هذه الشروط التعجيزية. من الطبيعي أن يكون لرئيسي الجمهورية والوزراء اكثر من خيار وزاري لوضع الاسم المناسب في الوزارة المناسبة. المشكلة الآن كلام العماد ميشال عون عن عدم أحقية رئيس الجمهورية بأي وزير لأنه لا يوجد لدية نواب في البرلمان النيابي. الحقيقة هذا موقف "توليتاري" وديكتاتوري حيث يعمل على قراءة الدستور على "ذوقه". إلى متى ستبقى قوى 14 آذار / مارس في حال المتفرج على الوضع المحلي؟ ما الخطوات المتوقعة؟ ليست متفرجة، قوى 14 آذار ابتعدت عن تأليف الحكومة ولكنها مواكبة عملية التأليف عبر اجتماعات لا تعلن إلا ان هذه القوى تحدد موقفها عند إنجاز التأليف, واذا كان مضمون البيان الوزاري يتفق مع مبادئنا وان كنا خارج الحكومة لا يوجد اي مشكلة ولكننا نستبعد ذلك وسيكون هناك معارضة لهذا البيان. وبالنسبة الى الوضع المعيشي كل وزير يعمل على تحمل المسؤوليات الواقعة على عاتقه. هل انت راض عن اجتماع بكركي - 2؟ بالتأكيد فهو بداية انطلاق لمسيرة لن تقتصر على الموارنة فقط، فهذه خطوة اولى على طريق طويلة يمكن ان تمهد لعقد اجتماع مسيحي ليس مارونياً فقط يشمل المذاهب المسيحية بأكملها على ان يصار فيما بعد إلى التواصل مع المسلمين في لبنان لكي تكتمل الحلقة الوطنية للتصدي للمشاكل التي تعصف بلبنان. هل تخشى من محاولات إقليمية لزعزعة الاستقرار في لبنان بغية صرف الأنظار عما يجري داخلها؟ لن أتعاطى مع هذا السؤال على وجود اتهام، التدخل في شؤون لبنان هو مسعى دائم وكل الاحتمالات مفتوحة لحصول أي شيء وخصوصاً في عدم توزان الداخل يعود الى عدم وجود حكومة ما يجعل البلد غير متماسك على الاطلاق. ما المطلوب لبنانياً لإبعاد لبنان عن تداعيات أو إنعكاسات التوترات الإقليمية؟ عبر تعزيز قوام الدولة عبر تشكيل حكومة والانتهاء من مشكلة السلاح خارج اطار الشرعية وعودة كل الاطراف والاحزاب الى الدولة بشروطها. لإعطاء لبنان الحصانة والمناعة يكون بالعمل الجدي لحماية هذا البلد من المخاطر المحيطة به، وللأسف لبنان بخطر دائم والخروج من هذا الوضع أمر صعب ولكنه ليس مستحيلا.