لا يزال الغموض يلف المحادثات الجارية في شأن تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة برئاسة سعد الحريري، وبخاصة أنه معتصم بالصمت ومثله أيضاً رئيسا الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه الذي زار قصر بعبدا فجأة أمس وعقد لقاء مع سليمان استمر أكثر من نصف ساعة خرج بعده ليكتفي بالقول: «تعاونوا على قضاء حوائجكم بالكتمان». أما الحريري فواصل لقاءاته مع الأطراف السياسيين، والتقى ليل أول من أمس رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط يرافقه وزير الأشغال والنقل غازي العريضي. وأمس التقى عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل. كما التقى الحريري وفداً من لجنة «عائلات المعتقلين في السجون السورية» و «مؤسسة حقوق الانسان» و «الحق الانساني» الذي نقل عنه وعداً بأن يكون موضوع المفقودين في طليعة اهتماماته. في هذه الأثناء، استمرت المواقف من مسألة تشكيل الحكومة. وطالب رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل ب «تشكيل حكومة من الأكثرية اذا استمرت المعارضة بالتعطيل». وسأل بعد لقائه السفير الايطالي في لبنان غبريال كيكيا: «لماذا لا يعرض الرئيس صيغة حكومية على المعارضة، وإذا لم تقبل نتحمل مسؤوليتنا ونشكل حكومة وطنية وحكومة انفتاح مع من يريد أن يشارك؟»، معتبراً أن «هناك استحقاقات كبيرة وتهديدات كثيرة بما فيها الموقف الاسرائيلي ولا نستطيع أن نترك البلد هكذا». وقال: «نحن مع إعطاء كل التطمينات وفي البيان الوزاري لجهة إقامة أفضل العلاقات مع سورية». ودعا الرئيس السابق للحكومة النائب نجيب ميقاتي الى «الاسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وفق القواعد التي تعكس توافق اللبنانيين وتحقق التضامن في اطار من الشراكة الوطنية الايجابية حيث لا تعطيل ولا استئثار». وقال: «إذا كانت القيادات السياسية تريد فعلاً لبننة عملية تأليف الحكومة، فلتبادر الى الالتقاء على ما يحقق هذا الهدف، لا سيما أن الجميع يتحدثون علانية عن تسهيل مهمة الرئيس المكلف، فيما تتواصل في الوقت نفسه عملية تبادل الشروط». حوري وتفاصيل النسبية وبينما يلتزم الحريري الصمت، فإن نواب كتلته «المستقبل» أدلوا بتصريحات تضمنت ردوداً على ما يطرح وبخاصة التمثيل النسبي. وقال النائب عمار حوري: «بغض النظر عن أن النسبية في تشكيل الحكومة تعتبر هرطقة، ولا تمت الى نظامنا الديموقراطي بصلة، وربما هي موجهة في مكان ما ضد رئيس الجمهورية، على رغم ذلك ربما من استعجل وطرح النسبية لم يحللها اذ لو فعل لعلم انه بموجبها تنال قوى 14 آذار في حكومة ثلاثينية 16 مقعداً مقابل 8 مقاعد لقوى 8 آذار و6 للرئيس». وأضاف: «بحساب بسيط لتوزيع المقاعد في المجلس النيابي وفق الطوائف السياسية العشرة نجد ان على قوى 8 آذار ان تتمثل بمقعد وزاري ماروني للنائب سليمان فرنجية (4 نواب) وبمقعدين وزاريين مارونيين للعماد عون (15) مقابل ثلاثة للأكثرية، ولا حق لها بالتمثيل ارثوذكسياً (نائب واحد للعماد عون، ونائب للقومي السوري مقابل 12 نائباً ل 14 آذار والتي يحق لها بالمقاعد الوزارية الارثوذكسية كلها)، ويحق ل 8 آذار مقعد وزاري كاثوليكي واحد (4 نواب، في مقابل مقعدين وزاريين كاثوليكيين ل 14 آذار (4 نواب + تفوق انجيلي وأقليات)، ولا يحق ل 8 آذار بمقاعد وزارية ارمنية (نائبان من اصل 6). في المقابل يحق بالمقعدين الوزاريين الارمنيين ل 14 آذار (4 نواب + تفوق انجيلي وأقليات) فتكون حصة المقاعد الوزارية المسيحية ل 8 آذار 4 وزراء مسيحيين، اما المقاعد الاسلامية فلا يحق ل 8 آذار بمقاعد وزارية سنية (نائب واحد لحزب البعث ونائب واحد لجبهة العمل الاسلامي ونائب واحد لكتلة الوفاء للمقاومة من اصل 27 نائباً، مقابل 24 نائباً للأكثرية). ويحق ل 8 آذار بخمسة مقاعد وزارية شيعية (24 نائباً مقابل مقعد وزاري ل 14 آذار (3 نواب + تفوق علوي) ويحق ل 8 آذار مقعد وزاري درزي واحد (نائبان من اصل ثمانية) مقابل مقعدين درزيين ل 14 آذار (6 نواب)». وختم حوري: «بحسبة بسيطة وفق النسبية تتمثل قوى 14 آذار بعشرين مقعداً وزارياً مقابل عشرة فقط لقوى 8 آذار، واذا اقتطعنا 20 في المئة من حصة كل فريق للرئيس تصبح المعادلة: 16 وزيراً للأكثرية و8 وزراء للأقلية و6 وزراء للرئيس. ويبقى السؤال: هل من يطرحون النسبية سيتمسكون بها؟». ولاحظ عضو الكتلة نفسها محمد الحجار «أن مواقف فريق 8 آذار حيال تشكيل الحكومة تبدو متباعدة، فالرئيس بري يشيع أجواءً تفاؤلية من دون أن يشير صراحة الى مطالبه ولم يأت على ذكر الثلث المعطل بل يتحدث عن خلط أوراق وضرورة تذويب 8 و14 آذار في حكومة وحدة وطنية، في حين يبدو من خطاب «حزب الله» أن الامور ذاهبة باتجاه تصعيدي، في ظل عودة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الى الحديث عن تقارب الأحجام والاوزان، وعن أكثرية قليلة وأقلية كثيرة، إضافة الى إشارة مسؤول العلاقات الدولية عمار الموسوي الى أن الامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله مصر على الثلث المعطل». وتابع الحجار: «تضاف إلى هذه المواقف مطالبة الوزير السابق وئام وهاب بالثلث زائداً واحداً، والذي نعلم عمّن يعبر حين يتكلم، إضافة الى استقبال السيد نصر الله لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الأمير قبلان بعد أن اعتبر الثلث المعطل بدعة ثم تراجع عن ذلك». وخلص الحجار الى أن «مواقف 8 آذار رمادية وضبابية، ويبدو أنها تنتظر إشارات خارجية، قد تكون سورية أو إيرانية». وقالت عضو تكتل «لبنان أولاً» النائب نايلة تويني: «من حق المعارضة ان تشارك ولكن من دون ثلث». ولفتت الى ان «تشكيل الحكومة قد يأخذ وقتاً»، معتبرة أن «سورية ليست مقتنعة بعد بعدم التدخل في الشأن اللبناني وترفض التعاطي مع لبنان على انه بلد مستقل وحر وما زال بعض الفرقاء اللبنانيين يأخذون توجيهات من دمشق». معارضة في المقابل بقيت مواقف المعارضة على حالها لناحية الاصرار على المشاركة. ورأى رئيس كتلة «وحدة الجبل» النيابية الوزير في حكومة تصريف الأعمال طلال إرسلان أن «لا حجة لأحد لأن يرفض مبدأ مشاركة المعارضة والموالاة في الحكم لأنه ركيزة ديموقراطية سليمة»، مشيراً إلى أن «الكلام عن أن على الأكثرية أن تحكم والمعارضة أن تعارض فقط، كلام حق يراد منه باطل». ودعا إلى «عدم تلقيننا دروساً في الديموقراطية»، مؤكداً أن «هذا النوع من الكلام لا يمكنه أن ينطبق في بلد مثل لبنان تتمتع فيه المعارضة بشعبية كبيرة». واعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن أن «اجواء تشكيل الحكومة ايجابية وأن النقاش والحوار والاتصالات مستمرة». وأضاف: «لدينا فهمنا للشراكة، أن تكون فاعلة وحقيقية وعميقة ومنتجة، تكرس لبنان بلداً للعيش المشترك والتفاهم والتواصل». وقال عضو الكتلة نفسها النائب نوار الساحلي إن «المعارضة تصر على مشاركة فاعلة وحقيقية، على أن يكون ذلك في قاموس الرئيس الحريري وليس حبراً على ورق»، داعياً الرئيس المكلف الى «أن يعيد قراءة الفترة الماضية للحكم ليختار الأفضل بين حكومتي الاستئثار أو المشاركة قبل مؤتمر الدوحة أو بعده». واعتبر عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي خريس أن «البدائل من حكومة الوحدة الوطنية والشراكة ستكون الفوضى والعرقلة وبالتالي الجوّ السلبي». وقال خريس ل«أخبار اليوم»: «المرحلة الحالية أفضل بكثير من المرحلة السابقة»، مشدداً على أن «الرئيس الحريري والنائب جنبلاط يعكسان أجواء جيدة. في الوقت نفسه جوّ المعارضة تفاؤلي». واستبعد عضو الكتلة نفسها النائب هاني قبيسي ان «تكون هناك أزمة تأليف»، لافتاً الى «استكمال المشاورات والمحادثات مع الاطراف كافة للخروج بتشكيلة حكومية ترضي الجميع»..