في الوقت الذي تستقبلك فيه مواقع الجهات الخاصة، على شبكة الانترنت، وتحديداً البنوك والشركات الكبرى، بكل ترحاب وحفاوة، مقدمةً لك كل خدماتها على طبق من ذهب، وكأنها تبتسم لك، تكشر مواقع الجهات الحكومية عن أنيابها، رافضة أن تقدم لك أي خدمة، إلا بشق الأنفس، وبين هذه المواقع وتلك، يسأل المواطن «لماذا؟»ويحذر كثيرون من أن تجاهل المواقع الحكومية، يعطّل مسيرة الحكومة الإلكترونية، التي تنادي بها المملكة ويحلم بها المواطنون، مناشدين توظيف الكفاءات السعودية الشابة، العاطلة عن العمل، في تغذية المواقع الحكومية، والاهتمام بها.. المواطنون اثناء تجمعهم في قسم الشكاوى داخل احدى المؤسسات (اليوم) رغم تطبيق التعامل الإلكتروني في بعض الجهات الحكومية وتوجيه لكمة قوية تجاه الملف العلاقي الأخضر، الذي استمر فترة طويلة شعاراً للدوائر الحكومية السعودية في استقبال طلبات التوظيف والتقديم, إلا أن مواقع الدوائر الحكومية لم تصل إلى المستوى المطلوب، الذي يغني عن الحضور للجهة الحكومية. وتؤكد إحدى الدراسات أن مستوى تقديم الخدمات في هذه المواقع ضعيف بشكل عام، إذ أن 66 بالمائة من هذه المواقع لم توفر الخدمة للمواطن، حيث إنها تفتقر للعديد من الأمور اللازمة، كالسرعة في تنفيذ العملية أو استقبال النقاشات لتلافي الأخطاء، وتطوير الدائرة مقارنة بالمؤسسات الخاصة التي تنتهج مواقع بمواصفات عالمية، إرضاءً للزبون، في الوقت نفسه، باتت المواقع الحكومية تدار بمركزية، من طرف واحد، وهو المسؤول الذي يصدر الأوامر, ولم تفعل الدوائر التعامل الإلكتروني بما فيه الكفاية، وإنما تم وضعه شكلا فقط، فالمعلومات تاريخية، لا يتم تحديثها والمستجدات لا يتم ذكرها، وبعضها لا تفيد المواطن في إنهاء المعاملات، سوى أن تكون اسما لهذه الجهة بإنشائها موقعا إلكترونيا تبرزه عند قدوم المسؤولين.وتشير دراسة أخرى إلى أنّ الدول المتقدمة وفرت 30 مليار ساعة عمل مهدرة في المواصلات وزحام المرور، نتيجة تطبيق التعاملات الالكترونية، إلى جانب التخلص من بطء أساليب العمل التقليدية في المرافق المختلفة، فالأنظمة الالكترونية أضفت الموضوعية في المراجعات الحكومية من قياس أداء الموظف والحد من الواسطة وإهدار المال العام، فهل الدوائر الحكومية تطبقها على الأسس الاحترافية ؟ وهل المسؤولون متفرغون للإشراف على المواقع الإلكترونية أم تحتاج لمتخصصين في هذا المجال حتى وإن كانوا من النساء؟.الحكومة الإلكترونية خطوة رائدة للتقدم واختصار الزمن، ولكن أمان المعلومات والمواقع، وضمان وصولها إلى المسئول من عدمه، يشكل هاجساً للجميعأوضح أحمد المغربي أن «التعاملات الإلكترونية اختصرت العديد من المشاق التي يحتاج الشخص إلى أيام عدة لإنجازها، مثل التنقل من مدينة لأخرى لإنهاء المعاملات»، مضيفاً «لذلك فإن الحكومة الإلكترونية خطوة رائدة للتقدم واختصار الزمن»، مستطرداً «ولكن أمان المعلومات والمواقع، وضمان وصولها إلى المسئول من عدمه، يشكل هاجساً أثناء تسجيلي في أو إتمام إحدى المعاملات في الدائرة الحكومية، خاصة أن المواقع ليست مجهزة بأقوى أنواع الحماية، للحفاظ على معاملات المواطن، واختراق الموقع والحصول على المعلومات منه أو تغييرها، أصبح سهلا»، مطالباً «يجب على الدوائر استخدام الوسائل المتقدمة لحماية مواقعها»، موضحاً «بعد انتهاء التسجيل في بعض الدوائر الحكومية، لا تصلك رسالة تنبهك بوصول المعاملة من عدم أو ان المعاملة خاطئة، ويجب عليك الحضور لهذه الدائرة للتأكد من ذلك، وهناك مواقع ترشدك للطريق السليم لإنهاء الإجراءات عن طريق الإيميل أو رسائل الجوال». وأضاف المغربي أن «الراحة ليست كل شيء، فالتقديم عبر الإنترنت يحتاج للحذر، فأنت تخاف من الخطأ الالكتروني أو عدم الإرسال، لأنه شيء جديد»، مضيفاً «على سبيل المثال، بعض الشركات تستقبل الطلبات عبر الإنترنت، لكن نموذجها يطلب بيانات كثيرة، وفيه عيوب، فبعض النماذج يطلب تحديد المدينة التي أخرج منها البطاقة، ويضع اختيارات محددة، ليس من بينها الإجابة الصحيحية»، متمنياً «من جميع الدوائر أن تكون على مستوى واحد من الاحترافية في مواقعها الإلكترونية».وأشار إبراهيم الغريب إلى مشكلة توقف الموقع فجأة، وقال: «من الضروري الاهتمام دائماً بالدعم الفني لمثل هذه المواقع، لأنّ زيادة الضغط على الموقع قد تسبب مشكلات فنية عدة»، مبيناً أن «هناك مواقع أسهمت في إنجاز المعاملات الالكترونية بجدارة، وأطالب بتوسيع دائرة تلك المعاملات، والاعتماد عليها بشكل أكبر، فهي عامل حاسم للحد من الواسطة والمجاملات، كما تحد من الازدحام في الطرق الرئيسة، وكذلك الدوائر الحكومية، وتساعد في سرعة إنجاز المعاملات»، وطالب الغريب ب»تطوير المواقع الحكومية وخاصة أن المواقع الخاصة بالمؤسسات أو البنوك، مواقعها نادرا ما تتوقف عن العمل، وذلك لأن توقفها يعني توقف عملها، وأخذ فكرة سيئة عنها، أما الدوائر الحكومية، فقد يتكرر توقف مواقعها كثيرا دون حلول لأسابيع وشهور».أما سعد محمد، فاستاء من مشكلة توقف المتصفح كثيراً لدى مواقع الجامعات، وخاصة في جامعة الملك فيصل، وقال: «نظام البنر وقت التسجيل، يصاب ويعلق كثيرا بسبب الازدحام المتواصل من الطلبة، وقد نضطر للجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لأيام، حتى نستطيع الدخول على النظام، وبعد دخولنا، قد لا نجد مكانا في الشعبة للتسجيل أو نسجل في مواد لا نريدها، وكل ذلك بسبب عدم وجود سيرفر قوي، يمكن الطلبة من الدخول للنظام».واستفز موقع الخطوط السعودية عبداللطيف التركي، الذي أراد الحجز من خلاله، والاستفادة من خصم خاص باعتباره طالبا في إحدى الجامعات، إذ تفاجأ بالازدحام فيه، وعندما استفسر عن السبب أجيب بتعطل النظام الإلكتروني، بذلك تعطلت رحلات العديد من الأشخاص الذين يريدون الحجز أو التعديل في بيانات رحلاتهم، متسائلاً «لماذا مواقع البنوك، لا تعرف العطلة، بينما المواقع الحكومية تشهد توقفاً بصفة مستمرة».
الناجم: هذه المواقع خاضعة للصيانة منذ نصف عام ويشير يوسف الناجم إلى أن «التقديم عبر الإنترنت فيه «اختصار للوقت والجهد والمكان، بدل الذهاب والمجيء على الدوائر، كما أنه يفيد أكثر ما يفيد من هم خارج البلد الذي فيه الدائرة». وطالب ب «تطبيق التقنية بشكل كامل، وليس في جانب دون آخر»، موضحاً أن «بعض الجهات كوزارة التربية والتعليم تستقبل طلبات التقديم على التعليم إلكترونياً وتجري الاختبارات والمقابلات عبر مواعيد معلنة في موقعها، لكن في نهاية المطاف، لا بد من طباعة النماذج والوقوف في طوابير المتقدمين في وزارة الخدمة المدنية! وهذا فيه إرباك وتشتيت ما يجعل المتقدم ينزعج كثيراً».وأضاف الناجم أنه «اضطررت للبحث عن نتيجة أحد أقربائي في كلية الشريعة بالأحساء، فحاولت البحث عن الموقع، وبعد العثور عليه، خرجت لي صفحة «الموقع تحت الصيانة»، وعند الاستفسار من بعض أصدقائي بخصوص الموقع، تبين أنه تحت الصيانة منذ ستة أشهر.وبين أيوب العبيدي ان «المشكلة في مواقع الدوائر الحكومية التي لا يتم تحديثها وتغذيتها بالمعلومات، وما أحزنني، وجود دليل هواتف للوزارات في المملكة والجهات الحكومية الاخرى، ثابت لا يتغير، رغم أن هناك تغييرات طرأت على بيانات 85 بالمائة منها، وبعضها تم دمجها مع جهات أخرى».واقترح عادل الخوفي المستشار الأسري في لجنة التنمية الأسرية أن «توظف الدوائر الحكومية الشباب والفتيات العاطلين للحد من المشاكل الأسرية التي قد تؤدي لعواقب وخيمة، فمكوثهم في البيت بلا عمل واهتمام من المجتمع يسبب لهم الاحباط»، مضيفاً أن «المسؤولين في الدوائر، يجب عليهم تفقد مواقعهم الإلكترونية شهرياً لرؤية النواقص وتفعيلها، وتعيين مسؤولين مختصين في المواقع الإلكترونية وتصميمها وبرمجتها، وتكون مهمتهم مقتصرة على الموقع ويتم استغلال ذلك من الشباب والفتيات العاطلين أصحاب الخبرة في هذا الجانب.