حذر مسؤول أميركي كبير من «التفاؤل الزائد» بخصوص المحادثات النووية للقوى العالمية الست مع إيران، وتحدث عن وجود فجوات كبيرة بين الطرفين, فيما دخلت المفاوضات بين ايران والقوى الكبرى حول ضوابط البرنامج النووي الايراني امس، مرحلتها الاكثر صعوبة بحسب الاطراف المجتمعة في فيينا. وبعد اشهر من المحادثات وتحقيق بعض النجاحات الاولى، تبدأ الجمهورية الاسلامية ومجموعة «5+1» (المانيا والصين والولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) صياغة اتفاق نهائي. والهدف بعد عشر سنوات من التوترات الخطيرة هو ان تطمئن ايران بشكل دائم بقية العالم حول الطابع السلمي لبرنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها. لكن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف حذر لدى وصوله الى فيينا من ان «تحضير نص الاتفاق سيتطلب الكثير من الجهود». هوة كبيرة كما تحدثت مسؤولة اميركية كبيرة عن عملية «صعبة جدا» لا تزال تتطلب «ردم هوة كبيرة». وشددت المسؤولة على أن التفاؤل الظاهر «لا يتناسب بالكامل» مع الواقع. وتناول ظريف العشاء، مساء الثلاثاء، مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، كاثرين اشتون، التي تتفاوض باسم مجموعة «5+1». وسيتولى الإثنان شخصياً إدارة غالبية الاجتماعات حتى الجمعة، خلافاً لما كان الوضع عليه خلال الجلسات الثلاث الأولى في العاصمة النمساوية. وقد أتاح حوارهما حل بعض الخلافات مثل ذلك المتعلق بمفاعل أراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة. فهذه المنشأة الواقعة على بعد 240 كلم الى جنوب غرب طهران، قد توفر لايران نظريا مادة البلوتونيوم التي يمكن ان تكون بديلا من اجل صنع قنبلة ذرية. وتؤكد طهران ان هذا المفاعل بقوة 40 ميغاواط الذي خضع بناؤه لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليس له هدف سوى اجراء الابحاث خاصة الطبية. لكن امام تشكيك القوى العظمى، اقترحت ايران تغيير مهمة المفاعل، بغية الحد من البلوتونيوم الذي سينتج. مفاعل اراك وصرح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف لدى وصوله الى فيينا: «ان اراك والشفافية اصبحا اكثر نضجا من كل النقاط الاخرى المطروحة على جدول الاعمال، في منظور امكان التوصل الى نتيجة اولية غدا». و«الشفافية» تعني برأي ريابكوف الذي اوردت تصريحه اذاعة صوت روسيا، القدرة الدولية على مواصلة مراقبة الانشطة النووية الايرانية. من جهة اخرى لاحظ الخبراء التقنيون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ان طهران تحترم بدقة التعهدات التي قطعتها في الخريف الماضي اثناء مؤتمر جنيف الذي وضع حدا لعقد من المواجهة وسمح بإطلاق المحادثات الحالية. وفي 17 ابريل أكدت الوكالة المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، أن ايران خفضت 75 بالمائة من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة. وأحد أكثر المواضيع دقة المطروحة على البحث الآن يتعلق بقدرة تخصيب اليورانيوم التي ستحتفظ بها ايران بعد التوصل الى اتفاق محتمل. وسيعمد الاطراف خصوصا الى حساب عدد اجهزة الطرد المركزي من الجيل الجديد التي يمكن ان تستمر البلاد في استخدامها. وهذا العنصر هو الذي يحدد اكثر من غيره الوقت الذي تحتاجه ايران لجمع ما يكفي من المواد النووية لصنع قنبلة ذرية. ويرتقب ان يجري المفاوضون ثلاث جلسات تفاوض اخرى، وصولا الى مهلة 20 يوليو المحددة للتوصل الى اتفاق. لكن المحادثات قد يتم تمديدها بتوافق الاطراف. قال مسؤول أمريكي بارز في فيينا: إنه ما زالت هناك خلافات كبيرة بين إيران والقوى العالمية الست الكبرى لدى بدئهم في صياغة اتفاق لإنهاء الأزمة المثارة بشأن برنامج طهران النووي لا ضمان باتفاق وفي السياق، قال مسؤول أمريكي بارز في فيينا: إنه ما زالت هناك خلافات كبيرة بين إيران والقوى العالمية الست الكبرى لدى بدئهم في صياغة اتفاق لإنهاء الأزمة المثارة بشأن برنامج طهران النووي. وقال المسؤول: «لا نعلم مدى قدرة إيران على اتخاذ القرارات الصعبة اللازمة لتؤكد للعالم أنها لن تحصل على سلاح نووي، وأن برنامجها يقتصر على الأغراض السلمية وحسب كما تقول». وقال المسؤول الأمريكي: إن جميع القضايا مترابطة، وإن إحراز تقدم على صعيد بعض القضايا لا يضمن أن يكون هناك اتفاق في النهاية. شراكة إيرانية كورية من جهته، أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، في مقابلة مع صحيفة يابانية امس، ان ايران تتقاسم التكنولوجيا النووية مع كوريا الشمالية. ورداً على سؤال لصحيفة ماينتشي شيمبون، حول ما اذا كانت طهران سمحت لبيونغ يانغ بالاستفادة من التكنولوجيا النووية التي لديها، اجاب نتانياهو: «هذا ما حصل تماما»، دون اعطاء مزيد من التفاصيل. وتأتي هذه التصريحات لنتانياهو الذي يقوم حاليا بزيارة الى اليابان، في اليوم نفسه الذي تستأنف فيه القوى العظمى وايران محادثاتهما في فيينا حول البرنامج النووي الايراني المثير للجدل. وكان نتانياهو تباحث مع نظيره الياباني شينزو ابي، الاثنين في الملف النووي، اذ تشتبه اسرائيل بأن ايران تريد حياز السلاح النووي تحت غطاء برنامج نووي مدني، بينما تعيش اليابان هاجس القلق من مساعي كوريا الشمالية النووية. وأعرب المسؤولان عن «أملهما بالتوصل الى حل سريع للمشاكل والمخاوف» التي تثيرها المطامع النووية لبيونغ يانغ التي سبق وقامت بثلاث تجارب نووية. وخلال لقاء مساء الثلاثاء مع وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا اعتبر نتانياهو مرة اخرى ان ايرانوكوريا الشمالية «دولتان مارقتان». في شرك إيران إلى ذلك، قالت صحيفة التايمز في مقال للكاتب روجر بويس بعنوان: «الغرب الحالم يسقط في شرك إيران»، إن الرئيس الإيراني حسن روحاني هو الواجهة المقبولة دولياً لنظام ما زال مصراً على إنتاج قنبلة نووية. ويقول بويس: إنه الآن في الوقت الذي تدار فيه السياسة الخارجية في الغرب من قبل رئيس أمريكي يؤثر السلام، وفي الوقت الذي أصبح الغرب فيه استسلامياً، يمكننا الآن أن نتحدث عن كيفية منع إيران من امتلاك «قنبلة شيعية». ويضيف: إنه لا يمكن في الوقت الحالي إيقاف إيران عن امتلاك قنبلة نووية. ويرى بويس أنه طالما تمتلك إيران الإرادة السياسية للحفاظ على برنامجها النووي ولا تدع الغرب يتحقق بصورة جدية وفعالة من خطط استخدامها للبرنامج النووي لأغراض عسكرية، فإننا بلا محالة سننتظر ظهور قنبلة نووية إيرانية تدعم وضع إيران كزعيم للشيعة في شتى أرجاء العالم. التخلي عن الردع ويضيف أن تهديد الرئيس الأمريكي بارك أوباما باستخدام الخيار العسكري ضد النظام السوري ثم تخليه عن ذلك الخيار جرد الغرب من رادع عسكري ذي مصداقية. ويقول بويس: إن القوى الدولية - الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين - تستأنف مفاوضاتها مع إيران، قبل انتهاء مدة الاتفاق الحالي المؤقت مع طهران في 20 يوليو/تموز، ويمكن تجديد الاتفاق المؤقت ستة أشهر أخرى ولكن بويس يرى أن الغرب يفضل التزام إيران ببرنامج نووي مدني تحت مراقبة دولية في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها بصورة تامة. ويضيف أن أوباما يتعرض لضغوط لتحقيق نجاح لسياسته الخارجية بعد سلسلة من الاخفاقات، مثل ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، واستمرار بقاء الاسد في السلطة، وقد يمثل الاتفاق الذي يزيل خطر التهديد النووي الايراني قبل انتخابات منتصف الفترة الرئاسية الثانية لأوباما في نوفمبر/تشرين الثاني مثل هذا النجاح. ويرى بويس أن الرئيس الايراني حسن روحاني أيضاً يرغب في تسوية سريعة، حيث يواجه اقتصاد بلاده صعوبات بالغة وسط تضخم تصل نسبته إلى 33 بالمائة، وارتفاعا لمعدلات البطالة بين الشباب واضطرابات عمالية. ويقول بويس: إن روحاني يتعرض لضغوط من قبل الزعيم الأعلى للثورة الايرانية آية الله علي خامنئي لعمل، أو للتظاهر بعمل، كل ما في وسعه لرفع العقوبات واصلاح الاقتصاد الايراني وتأكيد وضع إيران كزعيم إقليمي. ويرى بويس أن تمويل الحرس الثوري الإيراني وصولاته وجولاته في سوريا ولبنان والعراق وغزة يتطلب نقودا، وتوفير تلك الأموال يستدعي رفع العقوبات. وبعد تحقيق هذه الانتصارات ودعم وضعها كزعيم إقليمي، لن تتردد إيران عن تجديد وزيادة جهودها في المجال النووي.