قال حلف شمال الأطلسي "ناتو" أندرس فوج راسموسن إن الحلف، الذي يشعر بالخطر جراء التمدد الروسي شرق أوروبا وتدخل موسكو في أوكرانيا، على استعداد للتحرك ردا على خطوات قد يقوم بها الجيش الروسي، مضيفا ان الحلف لم يرصد ما يؤكد صحة أقوال الرئيس الروسي عن انسحاب قواته من منطقة الحدود، وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل انه "لا يمكن حل الأزمة عسكريا"، واعربت برلين عن تحفظات على فرض عقوبات اقتصادية على موسكو. لجم الدور الروسي واوضح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" أندرس فوج راسموسن، في مقابلة مع شبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأمريكية، أن الاستفتاء الذي أقامه الانفصاليون في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا "لا يعتد به"، مضيفا: "هذه الاستفتاءات غير قانونية وهي تنظم بطرق فوضوية وباستخدام أسئلة غامضة"، وذلك تعليقا على الاستفتاء الذي أعلن الانفصاليون في الشرق أنه حاز على تأييد 90% من السكان. وتابع راسموسن بالقول: "الأمر الوحيد الذي يمكن أن ننظر إليه نظرة قانونية هو الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 أيار/مايو الجاري، وأنا أحض كل الأطراف على أن تحرص على إقامة تلك الانتخابات بشكل منظم. وحول ما إذا كانت إجراءات حلف الأطلسي المتعلقة بروسيا، والتي تتضمن نشر المزيد من الجنود في شرق أوروبا والقيام بمناورات وطلعات جوية كافية للجم الدور الروسي، قال راسموسن: "نحن ننظر في خطوات إضافية، وهذه الخطوات قد تشمل تحديثات على خطط الدفاع الموجودة حاليا ووضع خطط جديدة وزيادة التدريبات والتفكير بعمليات مناسبة لنشر الجنود. وأردف: "لكن ما زال من المبكر تحديد طريقة وموعد القيام بذلك، غير أننا لن نتردد بأخذ المزيد من الخطوات إذا احتاج الأمر ذلك"، مضيفا ان لدى الروس "نفوذا واضحا على الانفصاليين" في الشرق، ما يتطلب دعوة موسكو إلى تشجيعهم على التخلي عن أسلحتهم والسير بالانتخابات الرئاسية. وعما يتردد عن إمكانية تحرك القوات الروسية باتجاه ميناء أوديسا الأوكراني وتحويل أوكرانيا إلى دولة من دون منفذ بحري، قال راسموسن: «لديهم القدرة على القيام بذلك، فقد حشدوا قرابة 40 ألف جندي عند الحدود مع أوكرانيا، ولديهم 25 ألف جندي في القرم. وقد رأينا أن القوات الروسية قادرة على التحرك خلال ساعات بحال توفر القرار السياسي، ولكننا لا نعرف ما إذا جرى اتخاذ هذا القرار أم لا؟». حقوق الانفصاليين واتهمت روسيا امس السلطة الانتقالية المؤيدة للغرب في كييف برفض التفاوض مع الانفصاليين الموالين لروسيا، مشددة على وجوب ان تبحث اوكرانيا حقوق المناطق الانفصالية قبل تنظيم انتخابات رئاسية في 25 ايار/مايو. وقال نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين لممثل الاتحاد الاوروبي في موسكو فيغوداس اوساكاس ان رفض كييف "الدخول في حوار فعلي.. يشكل عائقا كبيرا يمنع نزع فتيل التصعيد" في الازمة، مشيرا الى وجوب اجراء مفاوضات "في المستقبل القريب وفي مطلق الاحوال قبل الانتخابات المقررة في 25 ايار/مايو". وقالت موسكو إن العقوبات الجديدة التي أصدرها الاتحاد الأوروبي ستعطل جهود نزع فتيل الأزمة في أوكرانيا وحث الغرب على اقناع كييف باجراء محادثات بشأن كيان البلاد في المستقبل قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 مايو آيار. وقالت وزارة الخارجية في بيان "نتيجة الاستفتاءين على الحكم الذاتي في منطقتي دونيتسك ولوهانسك يجب أن تكون إشارة واضحة إلى كييف عن عمق الأزمة". لا حل عسكري من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعويلها مجددا على الحل الدبلوماسي للأزمة الأوكرانية. وقالت ميركل في تصريحات لصحيفة "فيستفالن بوستن" الألمانية الصادرة امس الثلاثاء: "لا يمكن حل الأزمة عسكريا"، وناشدت جميع ممثلي الأقاليم في أوكرانيا، والمجتمع الأوكراني، الذين أعلنوا نبذهم للعنف والمشاركة في الحوار الوطني. وذكرت ميركل أنها تستطيع حتى في "هذه المرحلة الصعبة" التحدث باستمرار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. في المقابل، أكدت ميركل استعداد حكومتها والاتحاد الأوروبي لتشديد العقوبات "إذا لم تعمل روسيا على إحلال الاستقرار الضروري للوضع"، ومطالبة الأوساط الاقتصادية بتفهم الأمر أيضا. وقالت المستشارة الالمانية: "من الأمور المحورية بالنسبة لاقتصادنا أيضا عدم تعريض أسس التعايش السلمي في أوروبا للخطر"، مؤكدة ضرورة أن يقل اعتماد ألمانيا على واردات الغاز من روسيا. ألمانيا تتصدر المساعي تتصدر المانيا مرة جديدة المساعي المبذولة لحل الازمة الاوكرانية، اذ بات الروس والاوروبيون يدعون الى الحوار بين انصار اوروبا والموالين لروسيا في اوكرانيا، وهو الموقف الذي تدعو اليه برلين منذ وقت طويل. ووصل وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير امس الى اوكرانيا لدعم "حوار وطني" بين حكومة كييف والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد. قال نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين لممثل الاتحاد الاوروبي في موسكو فيغوداس أوساكاس إن رفض كييف «الدخول في حوار فعلي يشكل عائقا كبيرا يمنع نزع فتيل التصعيد في الازمة»وقال للصحافيين في كييف ان الدول الاوروبية "تدعم خطتنا لاقامة حوار وطني بقيادة اوكرانية" مشددا على ان "جميعنا متفقون على ان انتخابات 25 مايو ستعلب دورا حاسما" لاحلال السلام. وكان المتحدث باسم الوزير مارتن شيفر قال ان "هدف هذه الزيارة هو دعم جهود منظمة الامن والتعاون في اوروبا، الجهود من اجل حوار وطني، والدخول في محادثات فعلية حول مستقبل افضل لاوكرانيا، الجهود من اجل ان تجري انتخابات (رئاسية) في 25 مايو". وفي الوقت نفسه، اعرب مسؤول الماني كبير عن تحفظات برلين على فرض عقوبات اقتصادية على موسكو. وقال وزير الدولة الالماني ميكايل روث في مقابلة نشرتها صحيفة هاندلسبلات الاثنين "لا بد من الاقرار بأن عقوبات اقتصادية وحدها لا تحقق بالضرورة النتيجة المرجوة مهما بلغت صرامتها". وستكلل جهود منظمة الامن والتعاون في اوروبا بتنظيم طاولة مستديرة بين جميع اطراف الازمة اعتبارا من الاربعاء في كييف. وقال دبلوماسي اوروبي يعمل في برلين ان هذا حل تدعو برلين اليه منذ اكثر من اسبوع وسيكون "اوروبيا" اكثر من مؤتمر جنيف2 وقد يتم عقده بمشاركة الولاياتالمتحدة. واعلنت منظمة الامن والتعاون في اوروبا الاثنين ان هذه الطاولة المستديرة ستجري باشراف الماني هو فولفغانغ ايشينغر وهو دبلوماسي يترأس حاليا مؤتمر الامن في ميونيخ الذي يعقد في مطلع كل عام منذ 1963 ويجمع نخبة اوساط الدفاع والاستخبارات، بعدما كان سفيرا في الولاياتالمتحدة وبريطانيا وشارك في مفاوضات دايتون حول البوسنة وفي المفاوضات حول توسيع الحلف الاطلسي الى اوروبا الشرقية. وستكون برلين اذا في صدارة المحادثات، وسبق ان لعبت دورا محوريا في الجهود المبذولة اذ زار شتاينماير فيينا الثلاثاء لاحاطة رئيس منظمة الامن والتعاون في اوروبا السويسري ديدييه بوركهالتر بنتائج لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، بحسب ما افاد مصدر قريب من الملف. وكان شتاينماير اشاد ب"الخطاب البناء" لبوتين اثر اللقاء مع بوركهالتر، بعدما طلب الرئيس الروسي من الاوكرانيين الموالين لموسكو تأجيل الاستفتاء على الاستقلال الذي جرى في نهاية المطاف في موعده المقرر الاحد. وكان الدبلوماسي الالماني الغربي الوحيد الذي ادلى بمثل هذا التعليق. وتلقي المانيا بكل ثقلها من اجل قيام حوار مع موسكو وضاعفت المستشارة انغيلا ميركل المكالمات الهاتفية مع بوتين، مدعومة في ذلك من شتاينماير الذي تميز حزبه الاشتراكي الديموقراطي بانتهاج سياسة الانفتاح شرقا في عهد الستار الحديدي. وجاهر المستشار السابق غيرهارد شرودر صديق بوتين، بصراحته المعهودة منذ ان ترك السلطة، بما يقوله عدد من المسؤولين الالمان في احاديثهم الخاصة، فصرح للصحافة الالمانية ان "الخطأ الجوهري يكمن في سياسة الاتحاد الاوروبي المؤيدة لاتفاقية شراكة" كانت بروكسل تسعى لتوقيعها مع اوكرانيا. وقالت ليانا فيكس من المؤسسة الالمانية للسياسة الخارجية انه "ما بين رأي عام يتخوف من الحرب كما تظهره استطلاعات الرأي، ومجموعة ضغط لرجال الاعمال تريد التعامل مع روسيا، والعزم على الحفاظ على لحمة الاتحاد الاوروبي، فإن ميركل في موقف بالغ الدقة". وقال الدبلوماسي الغربي من جهته ان "المستشارة لا ترغب بالضرورة في لعب دور توفيقي، لا يمكنها احتمال بوتين" كما انها "ليست بحاجة الى ذلك لزيادة شعبيتها" في وقت تحظى بنسبة تاييد تصل الى 60 % "لكنها تتحلى بحس المسؤولية". ورأى شتيفان مايستر من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ان اعتدال برلين ينسجم مع ما يريده حلفاؤها الاوروبيون وقال انه "باستثناء دول البلطيق او بولندا التي تتبنى مواقف اكثر تشددا لاسباب تاريخية وجغرافية، فان معظم الدول الاعضاء (في الاتحاد الاوروبي) تؤيد نهجا اكثر تعاونا".