يعدُّ الاستثمار في قطاع البتروكيماويات جزءاً من محاولات التنويع الاقتصادي للحكومات الخليجية التي تبحث عن استخدام أفضل لاحتياطياتها من النفط والغاز بهدف تحقيق أرباح أكبر، ومن هنا بدأ قطاع البتروكيماويات يتلمّس طريقه نحو الازدهار في منطقة الخليج. أحد معامل الإنتاج التابعة لشركة سابك (اليوم) ويتوقع ان يرتفع الانتاج على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي الست بنسبة 46 بالمائة تقريباً إلى 155 مليون طن سنوياً بحلول عام 2015، وذلك ارتفاعاً عن مستوى ال105 ملايين الحالي. وانطلاقاً من هذه الحقيقة فإن جميع شركات البتروكيماويات في الخليج تشعر بالسعادة عند النظر إلى ميزانياتها العمومية للربع الأول 2011، وأسعار النفط المرتفعة والطلب المستمر على المنتجات مكّنت أكبر شركة بتروكيماويات في المنطقة، وهي الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، من تحقيق ارتفاع بنسبة 42 ٪ في الأرباح الصافية للربع الأول مقارنة مع نفس الفترة من عام 2010، متجاوزة توقعات المحللين. وفي الوقت نفسه، سجّلت شركة الأسمدة العربية السعودية (سافكو) ارتفاعاً في الأرباح الصافية بنسبة 19 بالمائة خلال الربع الأول. ويمكن لهذه الشركات أن تتطلع إلى سنوات من الاستثمار الحكومي في قطاعها، وهذا من منظور مالي يشكّل معطيات قوية لنمو هائل. وفي هذا الإطار ذكرت جمعية الخليج للبتروكيماويات والكيماويات (GPCA)، في تقرير لها صدر مؤخراً أن دول مجلس التعاون الخليجي تنتج حالياً نحو 16 بالمائة من البتروكيماويات في العالم وأن هذا الرقم سيرتفع إلى 20 بالمائة بحلول عام 2015. ترى المملكة ان جذب استثمارات البتروكيماويات يحمل في طياته صبغة اجتماعية ومالية في آن واحد، فهذا القطاع مهم للغاية نظراً للوظائف التي سيوفرها، الى جانب الإيرادات المالية الضخمة التي سيحققها. وتُخطّط المملكة لرفع انتاج المرافق بما في ذلك تلك الموجودة في مدينة الجبيل الصناعية والرويس، وذلك لرفع إنتاجها من البتروكيماويات إلى70 مليون طن بحلول عام 2015 من مستوى الإنتاج الحالي البالغ 53 مليوناً و200 ألف طن. وتعتبر المملكة أكبر منتج للمنتجات البتروكيماوية في المنطقة، بحصة تبلغ50 بالمائة من الناتج الإجمالي، في حين أن الكويت تنتج نحو 9 بالمائة وكلّ من عمان وقطر تنتجان نحو 5 بالمائة. وتشكّل صادرات دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ما يساوي 3 بالمائة و1 بالمائة على التوالي من الإنتاج الإقليمي للبتروكيماويات. ومن المتوقع أن يحقق إنتاج البتروكيماويات في منطقة الخليج قفزة بنسبة 50 بالمائة بحلول عام 2015، وستكون المنطقة خلاله قادرة على إنتاج خُمس إجمالي الإنتاج العالمي من البتروكيماويات، لكن السؤال المطروح: هل تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي ما يكفي في المجالات الصحيحة لتصل إلى هذه الأهداف؟ وماذا ينبغي على حكومات دول الخليج القيام به للتأكد من أن قطاع البتروكيماويات يسير على الطريق الصحيح؟. من جانبها ترى المملكة ان جذب استثمارات البتروكيماويات يحمل في طياته صبغة اجتماعية ومالية في آن واحد، فهذا القطاع حسبما يشير التقرير مهم للغاية نظراً للوظائف التي سيوفّرها، الى جانب الإيرادات المالية الضخمة التي سيحققها، وهنا يرى أحد الخبراء ان قطاع البتروكيماويات هو أحد أفضل استخدامات النفط والغاز وليس قطاع الطاقة، لأن الدولة تحصل على هوامش أعلى وتقوم بتوفير عدد كبير من فرص العمل للسكان. وكلما اتجهنا أكثر إلى صناعة التكرير في صناعة النفط والغاز، والمواد الكيميائية الأكثر تخصصاً، ارتفع عدد الوظائف بشكل أكبر من حيث نصيب الفرد من الاستثمار». وهذا ما خلص اليه الخبير بأن المملكة تملك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، ولديها القدرة المالية للإقدام على الاستثمارات المطلوبة، كما أن لديها الحاجة إلى توفير فرص العمل لمواطنيها.. المملكة تطوّر الصناعة بطريقة كاملة، وتعمل على البحث والتطوير واستخدام الجامعات لإنشاء هيئات خاصة تركّز فقط على البحث في مجال البتروكيماويات.. إنه نهج شامل. ,أما الإمارات التي تتوقع أن يرتفع إنتاجها الحالي بأكثر من الضعف إلى 7.8 مليون طن بحلول عام 2015، فقد منحت حكومة أبو ظبي في عام 2010 عقوداً لتطوير «المدينة الكيميائية» التي ستكلف 20 مليار دولار.. ستضم محطة تصدير فضلاً عن مرافق لاستقبال مياه البحر، ونظام تبريد حديث. وستضم أيضاً أكبر مصلح للمواد الكيميائية في العالم والذي سيساعد على إنتاج 70000 برميل يومياً من البنزين وغيرها من المركّبات، فضلاً عن النفتا الخفيفة وغاز البترول المسال للتصدير. ويراقب المحللون بحرص أيضاً خطط الاستثمار في قطر، حيث تم استثمار أكثر من 70 مليار دولار في تطوير مدينة رأس لفان الصناعية التي سيتضاعف حجمها الحالي لاستيعاب الطلب على النفط والغاز خلال السنوات ال30 المقبلة، في حين تلتزم الحكومة باستثمارات تفوق قيمتها الإجمالية 125 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة سيتم إنفاقها على البناء ومشاريع النفط والغاز ذات الصلة. وقال وزير الطاقة والصناعة القطري محمد صالح السادة للصحفيين الشهر الماضي إن البلاد ستنتج 19 طناً مترياً من البتروكيماويات في اليوم بحلول نهاية 2011، لتصبح شركة قطر للأسمدة «أكبر منتج للأمونيا واليوريا في العالم».