اخترت الطين لأن رائحته تجذبني إلى الأرض التي دائما أتنفس عبقها فتنتعشُ رئتي وتعود ذاكرتي إلى ضجيج عدة أصوات منها صوت الماء الهادر من العين، وصوت طفولتنا، وصوت السعادة تحلّق فوق حدودنا. انتهى جواثا الرابع كمهرجان ثقافي اشتق اسمه من اسم مسجد أثري صلى فيه النبيّ عليه أفضل الصلوات والتسليم ثاني جمعة بعد الإسلام ليسجل التاريخ لهجرٍ الآمنة المطمئنة المذعنة لكلّ حقّ. هذه الخصوصية التي تريح الذاكرة وتضيء زواياها بالفخر والاعتزاز. مهرجان تحتفل فيه الغيوم مجتمعة وهي حُبلى بالماء لتسكبُ بياضاً يلامس لغتنا الشفيفة (لغة القرآن) ويغرق صمتنا برؤى جديدة عن الإبداع ونصوص تستحق التأمل وأفكار كان الأجدر بنا تتبُّعها للنهوض بلغتنا كما يليق بها. جواثا حصادٌ لدراسات عدة ورؤى متباينة وآراء في الشعر والسرد والنقد وإضافة تاريخية لثقافة الأحساء التي تجذرت مع النخلة واتحدت بعروقها ولا تزال تساقط على الأرض كلما تساقط الرُطب الجنيّ. كل الأحسائيين شاركوا في جواثا دون استثناء، وليس مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي فقط، ولكن الشكر عجز عن الظهور أمام أسر أحسائية عريقة موسومة بالكرم وحسن الوفادة. استضافت ضيوف المهرجان(كآل الموسى) و(آل العفالق) و(آل المهنا) و(آل الراشد) و(آل الطريفي) و(أمانة الأحساء) وشركة الخدمات التعليمية (تطوير). كما عجز الشكر من وقفات لا تُنسى في ذاكرة جواثا كوقفة مدير عام إدارة التربية والتعليم بالمنطقة الأستاذ أحمد بالغنيم الذي دفعته وطنيته رغم قيود المرض بالتعاون مع نائبه الأستاذ عبدالله الذرمان في وقت قياسي لتيسير كل العثرات التي واجهت منسوبات إدارته خلال محاولاتهن للتواجد الدائم فترة المهرجان الممتدة من الصباح حتى المساء. وأخيراً أقول للجميع: قد نغادر من نحب ولكنهم حاضرون في ذواتنا يسافرون عبر كل تفاصيل القصيدة حين نبتكرها ثم نعتقها لوجه الله كي تستريح على السطور.. وكل عام وأنتم والنخلة بألف خير.