وقفت على بوابة التاريخ أرنو من خلالها الى ذلك الزمن السابح خلف الافق، فطال بي الوقوف وتاهت بي دروب نفسي، يا ترى أي طريق أسلكه؟ هل هو ذلك الممتد امامي؟ أم ذلك المفروش بالرياحين القابع عن يمين الشمس؟ جررت قدمي الى ذلك الممتد امامي وقفت على مشارفه، رحلت نفسي من خلاله الى تلك الليلة حيث يتوارى النور في ذلك الغار، أصخت مسامعي لهمس التاريخ، ها هو محمد وصاحبه يلفهما برد الصحراء ووحشة الطريق يسيران بلا عتاد ولا زاد يخشى الصاحب على صاحبه، فتارة يسير امامه ثم يخشى من غيلة فتتلاحق خطواته ليقف خلف صاحبه، ----- اذا اعياهما المسير، فاذا بصوت اللاهث على حطام الدنيا يأتيهما من البعيد ممنيا النفس بجاه ومال ان حظي بمحمد وصاحبه ولفهما تحت عباءة الظلام، وفي لحظة معانقة الاماني للقلب ولثم الروح فإذا برمال الصحراء تسفها صخرة اليقين والثبات!! إن رواد الفجر يستشرفون النور من بين سجف الظلام ليروا من خلاله الطريق فيدكوا الظلام تحت عزمات الأقدام!! فينادي بصوت غلفه الخوف (يا محمد لك علي أن أرد القوم عنك!!) توقف قلبي وتماوجت روح نفسي.. ويحهم أيحاربون النور ويعشقون الظلام؟ وكيف لهذا النور ان ينبلج وقد تغطى الكون بنسج الظلام؟ فإذا بالنور ينبلج بذلك الصوت الرباني (كيف بك ياسراقة إذا سورت بسواري كسرى) أيكون ذلك؟ سواري كسرى وعد ممن لا يأمن على حياته؟ أيكون كسرى رهينة عند من يسير في جنح الظلام؟ أيعلو شأن لن تحوطه صحراء تعلم الظلام اشتداد الغسق؟ ترسخت روحي هنا لم تستطع حراكا، مادت بي الارض وأنا أتملى ذلك المشهد فنقلني الى البعيد هناك على ارض غير تلك الارض ولكنها تحمل اطارا مشابها، ليل بهيم، قوى متكالبة، ريح عاصفة، جنود همها طمس النور والعيش كخفافيش الظلام، دوع يهد الأركان، خندق يحفر لتتساقط به كل تلك الجيوش، صخرة تتأبى على كل معول عانقها ليطويها تحت سطوته!! يأتيها رائد الفجر ليحط بمعوله عليها فيتلألأ النور من بين ثناياها ينير جنبات كون تلفع بالسواد!! شردت الروح بين جنبات ذلك الخندق يا ترى لم تلك البشارات في تلك اللحظات؟ اتى همس الكون من خلف الافق إن رواد الفجر يستشرفون النور من بين سجف الظلام ليروا من خلاله الطريق فيدكوا الظلام تحت عزمات الأقدام!! فمضيت أستعيد قول الشاعر: يا رائد الفجر إن الفجر في سنة فإن توانيت لم يشرق ولم يفق عبئ له العزم واهتف مل مسمعه لابد لليل مهما طال من فلق!!