«جاجبال سينج، عامل توصيل طلبات للمنازل، راتبه الأسبوعي 300 دولار، عمره (32 عاما)، فاز مع اثنين آخرين بجائزة يانصيب في هونج كونج بقيمة 17 مليون دولار، سينج وهو هندي الأصل من مواليد هونج كونج أكد انه لن يتخلى عن عمله رغم فوزه بمبلغ 5.7 مليون دولار لأنه سيشعر بالملل دون عمل، وبين انه سيستخدم جزءا من هذا المبلغ للزواج، ويضع مبلغا في حساب زوجته المستقبلية، ويساعد في أعمال خيرية»، وفقا لما ذكرته صحيفة هونج كونج ستاندارد يوم الاثنين الماضي. بداية أود أن أنحي فكرة الفوز عبر مسابقة اليانصيب جانبا، وأنظر إلى لب ما يمكن أن نعتبر به في ذلك الخبر، ألا وهو إصرار العامل على مواصلة عمله السابق «كعامل توصيل طلبات للمنازل» رغم فوزه بنحو 6 ملايين دولار كفيلة بأن تجعله يعيش حياة رغدة هو وأسرته من بعده دون أن يكلف نفسه عناء العمل، ولكن وفرة السيولة في يده لم تجعله يغير نمط حياته إلى «حياة الترف والرفاهية» ويركن إلى التكاسل والتراخي، يبرز من تفكير هذا الشاب إيمانه بأهمية العمل وإعلاؤه لقيمته بغض النظر عما جناه من ملايين، فهو لا يعرف «ثقافة العيب» التي لطالما منعت الكثير من شبابنا من العمل بكثير من المهن التي قد تدر عليهم ذهبا خوفا من نظرة المجتمع لتلك المهن. كذلك يبرز من تفكير هذا الشاب إيمانه بأهمية العمل وإعلاؤه لقيمته بغض النظر عما جناه من ملايين، فهو لا يعرف «ثقافة العيب» التي لطالما منعت الكثير من شبابنا من العمل بكثير من المهن التي قد تدر عليهم ذهبا خوفا من نظرة المجتمع لتلك المهن، تلك الثقافة التي مازالت للأسف تهيمن على تفكير الكثير منا، وإن بدأت في طريقها للانحسار بفضل الله أولا ، ثم بجهود المبادرين من شبابنا و المتنورين من قادة المجتمع، سواء أكانوا مسئولين أو إعلاميين أو رجال أعمال، وليس ببعيد عن الذهن في هذا الشأن الخطوة التي قام بها معالي وزير العمل السابق الدكتور غازي القصيبي- يرحمه الله- قبل سنوات حينما لم يجد حرجا في أن يترجل عن منصبه، ويتحول إلى نادل في أحد مطاعم جدة، في محاولة عملية لمحاربة النظرة الاجتماعية السلبية تجاه بعض المهن، وتشجيعا للشباب لارتياد العمل في قطاع الضيافة. وبلادنا والحمد لله تشهد حاليا حالة حراك وسعي حثيث من قبل وزارة العمل للدفع مجددا ببرنامج السعودة والبحث عن حلول واقعية لحل مشكلة البطالة وتوطين الوظائف، ومن الضروري أن تتزامن مع تلك الجهود حملة طويلة الأمد لاجتثاث «ثقافة العيب» من المجتمع وتغيير مفاهيم الشباب عن الكثير من المهن لتختفي كلمة «الدونية» ويبقى في الذهن وصف «الحلال»، وذلك بالتوازي مع حث رجال الأعمال لتحسين ظروف العمل، من حيث عدد ساعات العمل ورفع الرواتب، لجذب الشباب السعوديين للعمل لديهم ، بما يصب في مصلحة الطرفين، العامل وصاحب العمل، الوطن والمواطن، ويتناغم في الوقت نفسه مع جهود وزارة العمل للقضاء على البطالة. وختاما، ديننا يزخر بقيم راقية ومعانٍ نبيلة ودروس عظيمة في العيش والحياة، تعلي من قيمة العمل، وتحض على الإنتاج، وتدعو للسعي، ومؤخرا بدأنا نطالع في الصحف نماذج للعديد من الشباب الذي يفهم دينه جيدا، ويعي أن قيمة الفرد فيما ينتج وليس بما يقتنى ويستهلك، مثل هذه النماذج تحتاج من إعلامنا تسليط الضوء عليهم، ومن مجتمعنا الدعم والتشجيع، حتى تختفي «ثقافة العيب» ومعها «البطالة». [email protected]