إن البناء الروحي للإنسان يتألف من عقل وعاطفة، وهما عاملان مؤثران في إدارة شؤون الإنسان الحياتية، وقدرتان مهمتان في تأمين سعادته ورغده ووجوده وكما أن للمرأة عقلا فللرجل عقل وإن اختلفت الأحجام بين هذا وذاك إلا أن العقل واحد والتفكير واحد ولكن تختلف الطرق التي يتعامل فيها كل إنسان بعقله.. فمنهم من يجعله ركيزة أعماله وتصرفاته وقياس حياته فلا يبادر بأمر إلا كان لعقله التخطيط لذلك دون عاطفة فكان أنانياً محباً لنفسه بعيدا عن تقدير ذات الأشخاص وأهميتهم في حياته جُل اهتمامه ومحور حياته نفسه وسعادته فقط. لا خير في بر والدين دون محبتهما ولا خير في تربية أبناء دون قيم ولا خير في صلة رحم دون تعاطف ولا خير في زواج دون مودة ورحمة ولا خير في أخوة دون تكاتف وإحساس ومنهم من أغفل العقل وجعل العاطفة تحكمه وتسيره في جميع أعماله وتصرفاته فنشأ معطياً باذلاً مضحياً للغير ومتناسياً كيانه وذاته.. وكلا الأمرين ليس بصحيح. العقل ليس إلا جزءا واحدا من وسائل متعددة يقوم الإنسان بتوظيفها قصد تحقيق المبتغى بالإضافة إلى الأحاسيس لا ينفصل أحدهما عن الآخر في جميع أمور الحياة.. فلا خير في بر والدين دون محبتهما ولا خير في تربية أبناء دون قيم ولا خير في صلة رحم دون تعاطف ولا خير في زواج دون مودة ورحمة ولا خير في أخوة دون تكاتف وإحساس ولا خير في مال دون أن يكون لله حق فيه.. لقد خالف الإسلام أمورا كثيرة أقرها العقل وصدق عليها بناءً على جاهلية مظلمة في العقل الباطن للبشر أو قوانين مجتمع أو رغبات ذاتية.. وعلى سبيل المثال.. أقر الله سبحانه وتعالى الزواج ووضع الشروط لذلك لعلمه بمن خلق وماذا يحتاج هذا المخلوق وخالفها عقل الإنسان ليبني لنفسه قوانين وشروطا جديدة توافق هواه ولكنها تبعده عن مسار سعادته فكان الانفصال والطلاق بل وكانت الغربة بين الزوجين وفُقد العامل المهم وهو المودة والرحمة بينهما.. وكما أقر الإسلام هذا الأمر, أقر أموراً عدة صاغ بها القوانين الصحيحة لحياة الإنسان وسعادته ورغده وإثبات وجوده وإنسانيته بل إنه أقر أيضاً أن الإنسان يخطئ سواء أكان بتفكيره أو بتصرفه لذلك لا بد من تلازم العقل والقلب في التفكير ووضع ميزان الإسلام بينهما.. فلا نتعمق بالتفكير وتحكيم العقل فنصل إلى درجة التجمد العاطفي والخَلق الإنساني.. بل نضع أمامنا ما يحقق سعادتنا ونصل إليه عبر عقل مفكر مخضباً بعاطفة داخلية محاطاً بقوانين ربانية.