من طبيعة المرء كثرة الأماني، والأحلام، والرجاءات.. وتزداد الأماني كثافة، في مناسبات الفضل والرجاء، والعيد مناسبة، تكثر فيها الدعوات، والابتهالات، بأن يحقق الله رجاءات الناس، وأحلامهم، وأمانيهم، لذا فإني وأظن أن معي كثيراً من القراء، سنتمنى، ونبالغ في التمني، فلعل وعسى، وأول ما أتمناه أن يقبل الله حج الحجيج، وأن يغفر ذنوبهم وأن يعيدهم إلى ديارهم بعد أن طرقوا باب الله يحدوهم ايمان لا يأتي إليه الشك، ويقين لا يهزه ارتياب أو وسوسة، أن يعودوا موفوري الغبطة، والطمأنينة، والسلامة والسكينة... ثم أتمنى أن يعيد المولى مناسبة العيد على الأمة الإسلامية، والعربية، وقد تغيرت حالهما، من الضعف والهوان والفرقة، والاختلاف، والانقسام، إلى التفكير في أنفسهم، والنظرة إلى واقعهم، فيخطوا ولو خطوات بسيطة نحو التكاتف، والتآلف، والتفكير في التلاحم، والتآزر، ليصبحوا ذات يوم من الأمم التي لها شأنها، ولها فعلها في الحياة، والوجود.. كما أرجو لكل فرد من أبناء هذا الوطن العزيز، أن يحقق له الله، ما يتمنى ويحب ويطمح، فالعاطل والعاطلة، يجدان عملاً.. والضعيف يوسع الله عليه من رزقه، والمظلوم والمحروم يجد من يواسيه، وينصفه، أتمنى للعازب، والأيّم أن يتزوجا، أتمنى للمريض الشفاء، والدواء، والرعاية الصحية اللائقة كإنسان كريم، وفي بلد كريم، أتمنى أن ينهض كل مسؤول بمسؤوليته، التي ألقيت على عاتقه فلا يتعامل مع أبناء الوطن باستخفاف، أو معاملة الجبارين فيمنّ عليهم، ويمتهن كرامتهم، ويتحكم في مصائرهم... أتمنى للطلبة أن يتفوقوا، وأن يجدوا العناية والرعاية من أساتذتهم، كما أتمنى عليهم أن يحترموا معلميهم، ويعطوهم حقهم وقدرهم المبتخس، والمهدور.. أتمنى أن أرى مدارسنا، ومعاهدنا، وجامعاتنا مصانع حقيقية للعقول، وليست هياكل ومنشآت تصفر في جوانبها رياح الضوضاء، ولا تنتج إلا كل متردية، ونطيحة، من أولئك الغثاء الذين يحملون أوراقاً ثبوتية يسمونها «شهادات» ورؤوسهم، محشورة بالجهل والخواء.. أتمنى أن أفتح عيني يوماً فأرانا نصنع، وننتج ما نستهلك وما نأكل، فنصنع كما يصنع الآخرون، وننتج كما ينتج الآخرون، ونبني مجداً، كما يبني الآخرون، وأن لا نظل عالة على الأمم، فنعطل عقولنا، ونشغل أفواهنا بالمضغ والبلع والهضم، والذهاب إلى بيوت الراحة، ثم النوم المريح..!! وقبل هذا وذاك أتمنى لبلدنا هذا، الخير كل الخير، والأمن والأمان، والسلام، والاستقرار، ودوام النعمة في كل شيء، أتمنى أن تسود الالفة بين أبنائه، فيتحدثوا بمحبة، ويتحاوروا بمحبة، ويكتبوا بصدق، ومحبة، فلا دغائل، ولا أحقاد، ولا دسائس ولا مناكدات، ولا مناكفات، ولا غمز ولا لمز، ولا تشكيك، ولا سعي نحو التفكيك، أتمنى أن يكتب الناس أفكارهم بدون تحيّز، أو تميّز، وبدون إقصاء أو إدناء، أتمنى أن أرى أقلاماً نظيفة وحبراً نظيفاً مكتوباً بعاطفة المحبة، والالفة والوطنية الصادقة، والأخلاق الرفيعة، المتسامية على الأنانية الكريهة.. أتمنى كتاباً يكتبون لوجه الله، وللفكر المخلص، المستنير بحق، وليس للتشويش، والتهويش، والبحث عن الشهرة الكاذبة.. أما شبابنا وشاباتنا فأتمنى أن تحلّ فيهم وتسكنهم روح الطموح والابداع، فيعملوا بجد وصبر، فيستلذوا طعم الكفاح كي يستلذوا طعم الحياة!! أتمنى أن يحترموا الزمن وأن تتلبسهم روح الاحساس بالزمن، فلا يضيعوا ساعة من اعمارهم إلا فيما هو نافع، ومفيد لهم، ولوطنهم، أتمنى لكل شابة وشاب، أن يتعاليا على التفاهات، وصغائر الأمور، وأن يحلقا في سماء الحياة الجديرة بالرقي والاعتلاء والشموخ، والنباهة، والنبوغ. أيها الأحبة لو ترك لي سبيل الأماني لما توقفت، ولكنني أدعو الله في هذه المناسبة الجليلة أن يكتب لكم الخير كل الخير، وأن يمنحكم السعادة كل السعادة والتفاؤل الدائم، الذي لا يشوبه يأس، ولا يأتي عليه قنوط.. وأن يجعل هذا الوطن، رفيع الشأن ذائع الذكر، بعيداً عن المكاره والشرور. ولكم كل المنى الوارفة بالظلال والمحبة. و: متى تكن تكن أحسن المنى ..وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا