للحُب مقاييس كثيرة ومختلفة. بحسب اختلاف حُبنا ونوعيته. الحُب على مر الأزمان نوعان: حُب مودة وعطف ورحمة، وحُب دمار من أجل الحب. ونأخذ منها، في عهد اليونانين قامت حروب ومنها حرب حصان طروادة، الذي أشعل شهرة على مر الأزمان بسبب امرأة اسمها هيلين في إلياذة هوميروس هي أجمل نساء الأرض قاطبة خطب ودها جميع ملوك الإغريق وتسابقو للفوز بقلبها إلى أن اختارت منيلاوس زوجا لها ولكنها وقعت في غرام باريس بسبب سحر (فينوس) آلهة الجمال عند الإغريق عند ما كان في ضيافة زوجها واختارت الفرار معه إلى طروادة متسببة باندلاع حرب لمدة عشر سنوات انتهت بسقوط طروادة ومقتل ملكها بريام وأميرها هكتور، ولكن هيلين استطاعت الفرار مع باريس بعد انتهاء سحر فينوس، وعادت إلى زوجها منيلاوس ولم ينجبا إلا ابنة واحدة هي هرميون. وأرى الحب المبالغ فيه والمؤجج بعواطف بركانية وغياب العقل فيه يسبب كوارث؛ فموازنة الحُب يحتاج إلى قياس دقيق لحياتنا. أعلم عزيزي القارئ ستقول في نفسك الحُب أعمى، وأشبه بِظلك الآخر. فكيان الحُب هو عرش قلبك كمزيج عسل صاف، منظره جميل في عيونك، وطعمه جميل بمشاعرك. إننا أحياناً نحبِ لنكمل النقص بداخلنا، وقد ذكر أحد الفلاسفة قديماً أن كل إنسان عند ما يولد ينقسم نصفين ويعيش بنصف واحد فقط ويظل طوال عمره يهيم باحثاً عن النصف الذي يكمله حتى يستقر ويسعد. الحُب نعمة من الله ويجب أن نعلم أنه ليس مُلك لنا وإنما مالكِ علينا نحن الاثنين. فتأمل في كلمة حُب. سبحان الله! حرفان «ح» و»ب». الحرف الأول لي والثاني لك. فهو ألفة ومودة ورحمة ومفتاح الإنسان للعيش مع غيره، الكثير عند ما يبدأ الشخص يحب ألاحظ فيهم تنافس حُب التملك وكأنه مخلوق له. ونسي أنه مكون من حرفين. ما أود قوله هو، فلنعش مع الحُب بطريقه إننا اثنان. لا غنى لهما عن الآخر. فهذا هو حب المودة والرحمة. لا نجعله يصل إلى حُب يهوي إلى الدمار، فقامت حروب وماتوا الآلاف بسبب الحب الذي يغشي العقل ويعرش القلب. فلنجعل من حُبنا في رسول الله قدوة حسنة. فمفهوم الحُب عند الرسول، يربي النفس ويجبِل الروح للتسامح، فقد كان يعيش بين أزواجه رجلا ذا قلب وعاطفة ووجدان، حياته مليئة بالحب، والحنان، والمودة، والرحمة. لماذا أصبح الآن الحب زيف وتكابر؟ وأصبح يتلاعب به مشاعر الآخرين؟ ويستغل كطريقه لحفظ المصالح؟ لماذا شوهناه؟ نحن نحتاج إلى فورمات لقلوبنا، لنعرف من نحن وما هو الحُب؟ إحدى الصديقات قالت: لا أريد أن أرجع لتجربة الحب. فقلت: لماذا؟ قالت مجرد وناسة وفترة نعيش بها وننسى من نكون. وكل واحد يريد تمالُك الآخر بقوة حُبه وبعدها تنكشف الأقنعة وكأننا في حلم واستيقظنا منه. فقد أجريت دراسة. الكاتب الأمريكي أريك جودمان بعد إجراء بحث ميداني على مجموعة كبيرة من الشباب من الجنسين في المدارس الثانوية وبداية المرحلة الجامعية في نيويورك توصل إلى أن الانطباع القوي الناجم عن اللقاء الأول بين الفتاة والشاب والذي يطلق عليه الكثيرون اسم الحب من أول نظرة، يكون خداعاً في أغلب الأحوال. فقد يكون هذا الإحساس ناجماً عن ولع أحدهما بفكرة الحب نفسها أو لأن أحدهما حاول تجسيد صورة أو صفات المحبوب الموجودة في الخيال عند الآخر، ثم يتكشف له في المستقبل أن الخيال مخالف للواقع كما أن الإعجاب القائم على الشكل الخارجي وليس الجوهر الداخلي سرعان ما يتلاشى. فالحب الحقيقي -بحسب خبراء علم النفس- لا يرتكز على النظرة الأولى للمحبوب وإنما يكون بالاقتناع الكامل بجوانب شخصية الشريك الآخر وطريقة تفكيره والعواطف المتبادلة، وأن تشعر الفتاة بأن الحب يغمرها وأنها وجدت شخصاً يشاركها أفكارها وأحاسيسها ويتعاطف معها ويهتم بها، وتشعر وهي بصحبته بالسعادة والراحة والطمأنينة فيكون لديها استعداد أن تقدم له قلبها دون أن تشعر بأنها تقدم أي تضحية. وقد اكتشف علماء أمريكيون أن الحب الحقيقي الذي يدوم إلى الأبد ولا يتضاءل مع مرور الزمن موجود بالفعل. وأكدت نتائج دراسة أجراها علماء في جامعة «ستوني بروك» في مدينة نيويوركالأمريكية وشملت أزواجاً بعضهم تزوج حديثاً والبعض الآخر متزوج منذ حوالي 20 سنة، وقام العلماء بتصوير مقطعي لأدمغة الأزواج، فتبين أن عدداً منهم أبدى بعد 20 سنة على الزواج استجابات عاطفية مماثلة للاستجابات التي يبديها الأزواج حديثو الارتباط. وأخيراً، اجعلوا الحُب حُباً فالدنيا بدون الحُب كالطعام بدون ملح، فاجعلوا من أنفسكم بسطاء دون غلّو ولا إسراف. ما علينا هو موازنة أنفسنا بين العقل والقلب. تمنياتي لكم بالتوفيق والسعادة الأبدية. [email protected]