افتتح الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والمديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) إيرنا بوكوفا أمس ، معرض (جوانب من التراث العمراني بالمملكة العربية السعودية)، بحضور أمين جدة المهندس هاني أبوراس ، وسفير المملكة لدى فرنسا الدكتور محمد آل الشيخ ، والمندوب الدائم للمملكة لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس ، وذلك في قاعة سيقور بالمقر الرئيسي للمنظمة في باريس. وتأتي إقامة المعرض في سياق علاقة الهيئة بالمنظمة في مجالات تسجيل مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي إثر موافقة مجلس الوزراء على تسجيل أربعة مواقع في القائمة, حيث أتمت الهيئة تسجيل (مدائن صالح، وحي طريف بالدرعية التاريخية)، ويجري استكمال تسجيل جدة التاريخية المقرر التصويت عليه بداية الصيف القادم، والعمل على تسجيل الموقع الخاص بالرسوم الصخرية في (جبة والشويمس) في منطقة حائل ضمن قائمة التراث العالمي . وتجول سموه في المعرض الذي يستمر خمسة أيام ، ويحتوي على 80 صورة تاريخية تجسد الطراز والتراث العمراني والحضاري المتنوع للمملكة. وأكد سمو الأمير سلطان بن سلمان أهمية المعرض الذي تحتضنه هذه المنظمة العالمية الرائدة في إبراز التراث الحضاري للمملكة والتعريف به، معرباً عن تقديره لمنظمة اليونسكو ومندوب المملكة في المنظمة لإقامة المعرض. ونوه سموه بما يشهده التراث الوطني في المملكة من رعاية ودعم واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله ، وما أصدرته الدولة من قرارات متتالية لحماية التراث وتطويره التي توّجت بالقرار الذي أصدره مجلس الوزراء مؤخرا بالموافقة على "مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري" , الذي يعكس حرص الدولة على تعزيز مكانة التراث الوطني باعتباره ثروة وطنية مهمة . وأشار سمو الأمير سلطان الى الترابط بين المكونات الأساس التي تعرف بها المملكة عالمياً ، إذ أنها مهد الإسلام والقوة الاقتصادية التي جعلتها ضمن أعظم عشرين اقتصاداً في العالم، و هي الثقل السياسي الأهم في المنطقة، و لا يكتمل فهم منطلقاتها، وأسباب استمرارها إلا بمعرفة الجذور التاريخية والتراثية لهذا المجتمع من خلال استقراء الشواهد الأثرية الباقية ، ليتضح لنا أن هذه السمات لم تبرز من فراغ ، و لم تطرأ مؤخراً بل لكل منها جذوره التي تجعل منه أمراً متوقعاً، مؤكدا بقوله " لكي نفهم جميع سمات شبه الجزيرة العربية، يجب علينا الابتداء من تاريخها العريق". وأبان سموه أن العناية بالتراث الحضاري العمراني في المملكة تنامى في السنوات الاخيرة نتيجة رعاية ودعم الدولة له، وبذل كافة الجهود التوعوية والاستثمارية والتطويرية من الهيئة وشركائها ومنظومة القرارات لحماية التراث الوطني والمحافظة عليه ، ونتج عنه ما نراه من حراك كبير من الدولة والمواطنين في استعادة الوعي بأهمية التراث الوطني وتطويره واستثماره . ولفت إلى أن الهيئة تعمل حاليا على تطوير (70) من القصور والقلاع وقصور الدولة وأواسط المدن بشكل عام ومنها وسط مدينة الرياض والمتمثل في حي الظهيرة على مساحة 750 ألف متر مربع ، وجدة التاريخية ، ووسط الطائف وعسير والهفوف والعديد من المشاريع، لتكون محطات مهمة وأمكنة للتاريخ المعاش وذلك لربط المواطنين بتاريخ بلادهم وملحمة تأسيسها ،مشيراً إلى أن الهيئة تسلمت العديد من البيوت والقصور التي قام المواطنون بإهدائها للهيئة، وهي تعمل لتحويلها إلى مراكز ثقافية ومراكز للإبداع الحرفي ومراكز للتراث العمراني ومقار للجمعيات المهتمة بالتراث في المملكة"، لافتاً إلى العمل مع الجامعات السعودية لتتولى تطوير مواقع تراثية تكون بمثابة نقاط لخدمة المجتمع". من جانبها رحبت إيرنا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بسمو الأمير سلطان بن سلمان في زيارته لمقر اليونسكو، مبرزة أهمية معرض (جوانب من التراث العمراني بالمملكة العربية السعودية) وما يحويه من صور قيمة. وقالت في الكلمة التي ألقتها أثناء المناسبة : " نقف اليوم لنحتفل بالحضارة والتراث السعودي، ونحتفل أيضا بالمملكة العربية السعودية كملتقى للحضارات وعمق تاريخي للتغير، من خلال واحدة من فعاليات الحوار بين الشرق والغرب، ويسعدني أن أعلن لكم عن تظاهرة تاريخية ثقافية لشعب عريق، ومن هنا نستحضر مبادرات خادم الحرمين الشريفين الداعية والداعمة للحوار بين الشعوب والثقافات في المحافل الدولية ". وأضافت : " تحتفل اليونسكو اليوم بمعرض يعبر عن تعدد وثراء الثقافة السعودية، النابعة من ملتقى حضارات امتزجت على أرض الجزيرة العربية، فمدائن صالح تحكي تاريخ إنساني، وقد سنحت لي الفرصة لزيارتها قبل أن أكون المدير العام لليونسكو، فهي شاهد على تراث إنساني نقي في قلب الجزيرة العربية، ولهذا تم تسجيلها في قائمة التراث العالمي لليونسكو". وأبانت مديرة اليونسكو أن المملكة وجهة دينية للإسلام والمسلمين، فهي تحضن الأراضي المقدسة ويتجه لها يومياً أكثر من مليار مسلم من جميع بقاع العالم، وتلتقي فيها حضارات شعوب من مصر وسوريا وتونس، وبها نجد تاريخ العديد من اللغات القديمة مثل الأغريقية واللاتينية، هذا يجعلنا نتذكر بأن المملكة كانت ملتقى للثقافات والحضارات وللإنسانية جمعا، ملتقى مؤطر باحترام الإنسانية والتسامح بين البشر. من جهته ، أوضح معالي أمين محافظة جدة الدكتور هاني بن محمد أبوراس أن المعرض يعكس ما تزخر به المملكة من تراث عمراني وحضاري عريق ومتنوع في جميع مناطقها، مشيرا إلى أن إقامة المعرض خطوة مهمة لإبراز العمق التاريخي والتراثي الذي تتميز به المملكة. وأبان أن هناك شراكة استراتيجية بين الهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة محافظة جدة فيما يختص بالمنطقة التاريخية بجدة، وتتولى الأمانة في ذلك تنفيذ أعمال متعددة الاهتمامات والتوجهات وكلها تهدف إلى الحفاظ على المعالم التاريخية والاثرية والوطنية التي تزخر بها محافظة جدة وهي آثار تضم مجموعة كبيرة من المباني والاسواق والحارات التي تعكس التراث العمراني لمنطقة البحر الاحمر، ولتعزيز هذا التوجه أنشأت الأمانة بلدية خاصة بالمنطقة التاريخية بالإضافة إلى استحداث إدارة متخصصة لمشاريع التراث العمراني ضمن الهيكل الإداري الجديد للأمانة. وأكد المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس أن المعرض يعكس جهود الدولة في حماية التراث العمراني بالمملكة , مشيراً إلى الثروات الكبيرة التي تتمتع بها المملكة في مجالات مختلفة منها الثقافية والحضارية التي يجب أن تبرز بالشكل الذي يليق بمكاتنها ، مؤكداً تسجيل جدة التاريخية على لائحة التراث العالمي في شهر يونيو القادم .