تصريحات عضو في مجلس الشورى حول وجود لوبي في المملكة يحارب صدور نظام مكافحة التدخين وهو النظام الذي ظل معطلا منذ 11 عاما على الرغم من موافقة مجلس الوزراء عليه.. نقول إن هذا التصريح يضعنا أمام حقيقة واقعة تتمثل في مجموعة من اللوبيات تعيق صدور العديد من الأنظمة واللوائح والتشريعات لمصالحهم الشخصية. لنأخذ نظام السعودة والفشل الذريع في تحقيقه رغم أن الحكومة ووزارة العمل دعمته وصاغت التشريعات والحوافز والعقوبات في المشروع إلا أنه لم يتحرك من مكانه نتيجة وجود لوبي قوي في القطاع الخاص وبعض أجهزة الدولة التنفيذية وضع المشروع والقانون في غرفة الإنعاش والموت السريري وكذلك نظام العقارات والأراضي حيث تكتل لوبي المصالح الشخصية لتمييعه وتفريغه من محتواه وكذلك قرارات مكافحة الغش التجاري إلى آخر الأنظمة والقوانين التي تكالبت عليها اللوبيات وتقاطعات عندها المصالح والمنافع لإحباطها وإضعاف قرارات الدولة والجهات التشريعية. علينا أن ننظر إلى لوبيات المصالح في المملكة بجدية بالغة وعلينا أن نعترف أنها جزء من نظام الدولة الحديثة التي قطعت شوطا في التمدن والبيروقراطية لكن علينا أن نشرحها ونفرق بين تكريس الفساد المالي والإداري ونهب المال العام وبين تزاحم القوى الاجتماعية والاقتصادية على النفوذ والتأثير على مصالح الشعب العامة والحيوية والتي لا تحتمل أي صراعات حولها فليس من المقبول مثلا أن يتم احتكار الأراضي من قبل العقاريين أو رفع أسعار المواد الغذائية والتموينية بعد تثبيت غلاء المعيشة في رواتب الموظفين مباشرة وليس من المقبول أن تدفع الحكومة مليارات الريالات لعلاج مرضى التدخين ولا يساهم تجار ووكلاء السجائر في هذه التكلفة وهم الذين يجنون المليارات. لاشك أنه خلل بحاجة لإصلاح ومن الضروري أن نمنع استشراء اللوبيات في مفاصل الدولة والمجتمع حتى لا نصل إلى مرحلة من الترهل البيروقراطي وتنامي حدة الصراعات في جسد المجتمع السعودي نتيجة مصالح قوى لا يربطها بوطنها سوى المال أو الأيدلوجيا المنحرفة وإعاقة الإصلاحات التي وضعت المملكة على مسار التقدم والازدهار. نأمل ألا يستشري سرطان اللوبيات ويتغلغل في شرايين ومفاصل الدولة والمجتمع وأن نضع حدودا فاصلة بين مصالح الوطن العليا في الاستقرار والأمن الاجتماعي والاقتصادي وحق قوى المال في الاستفادة من ثروة بلدهم بما لا يتعارض مع مصالح الشعب السعودي.