قدّم وزير الدفاع المصري، المشير عبد الفتاح السيسي، أمس، استقالته رسمياً، لرئيس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي قبل ظهرالخميس.. استكمالاً لما أعلنه الليلة قبل الماضية من استقالته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي عقد اجتماعاً طارئاً، مغرب الأربعاء، عقب وصول الرئيس عدلي منصور للقاهرة، قادماً من الكويت. وعلمت (اليوم) أن السيسي، الذي حضر صباح أمس اجتماع الحكومة، بالزي المدني لأول مرّة، غادر مقر رئاسة الوزراء، مسرعاً، بعد أن حيّا زملاءه في الحكومة، فيما أدى وزير الدفاع الجديد، صدقي صبحي اليمين القانونية، أمام رئيس الجمهورية، عقب صدور قرار جمهوري بترقيته لرتبة فريق أول، ليخلف الرجل الذي أثار جدلاً طويلاً خلال الأشهر التسعة الماضية. كما أدى الفريق محمود حجازي اليمين أيضا، ليكون رئيس أركان القوات المسلحة المصرية. ساعات مثيرة ووسط استنفار أمني شديد، حبس المصريون أنفاسهم منذ عصر أمس، ترقباً لقرار الرجل القوي في البلاد، وبعد أكثر من ثلاث ساعات، قطعها التليفزيون المصري، ليعلن تسجيلاً للمشير السيسي، أكد فيه ترشحه لانتخابات الرئاسة واستقالته من منصب وزير الدفاع. وبكلمات مزجت بين العاطفة والرؤية، حدد السيسي خياراته المستقبلية، حيث فتح باباً لتحقيق المصالحة مع من لم تتلوث أيديهم بالدماء، وإعادة الاستقرار السياسي وإنهاء الخصومة في الشارع المصري خلال الفترة المقبلة، وشخّص مشاكل المرحلة التي يعاني منها الشعب، مشدداً على استمرار محاربة الإرهاب، واعتبار الأمن ليس لبلاده وحدها ولكن المنطقة العربية، في إشارة طمأنة للعرب والعالم. كلمات وإشارات ووصف السيسي مهمته بأنها «شديدةُ الصعوبةِ، ثقيلةُ التكاليفِ، والحقائقَ الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية في مصر، سواء ما كانَ قبلَ ثورةِ 25 يناير، أو ما تفاقمَ بعدَها حتى ثورةِ 30 يونيو، وصلَ إلى الحد الذي يفرضُ المواجهةَ الأمينةَ والشجاعةَ لهذه التحديات».. وشدّد على «إعادةُ ملامح الدولة وهيبتها، التي أصابَها الكثيرُ خلالَ الفترةِ الماضيةِ». وأضاف في إشارة حاسمة أن «ما شاهدته مصر خلال السنوات الأخيرة، سواءً على الساحةِ السياسيةِ أو الإعلاميةِ، داخلياً أو خارجياً، جعلت من هذا الوطنَ في بعضِ الأحيانِ أرضاً مستباحة للبعضِ، وقد آنَ الأوانُ ليتوقفَ هذا الاستهتارُ وهذا العبثُ، فهذا بلدٌ له احترامُهُ وله هيبتُهْ، ويجبْ أن يعلم الجميعُ أن هذهِ لحظةٌ فارقةٌ، وأنّ الاستهتارَ في حقِ مصرَ مغامرةٌ لها عواقِبُها، ولها حسابُها، مصرُ ليست ملعباً لطرفٍ داخليٍ أو إقليمي أو دُوَلىٍ... ولن تكون». تلميح وتصريح وفي خطوة غير متوقعة، ألمح السيسي، إلى إمكانية تحقيق مصالحة وطنية مشروطة، وقال بهدوء: «أدعو شركاءَ الوطنِ، أن يدركوا أننا جميعاً أبناءَ مصر نمضى في قاربٍ واحدٍ، نرجو له أن يرسو على شاطئٍ النجاةٍ، ولن يكون لنا حساباتٌ شخصيةٍ نصفيّها، أو صراعات مرحليةٍ نمضى وراءها، فنحنُ نريدُ الوطنَ لكل أبنائِهِ، دونَ إقصاءٍ أو استثناءٍ أو تفرقةٍ، نَمُدُّ أيديِنا للجميعِ في الداخلِ وفى الخارجِ، معلنين أنّ أي مصريٍ أو مصريةِ لم تتم إدانته بالقانونِ الذى نخضعُ لهُ جميعاً، هو شريكٌ فاعلٌ في المستقبلِ بغيرِ حدودٍ أو قيود». احتفالات وتهديدات وبينما دعا مستشار رئيس الوزراء المصري، لشؤون الانتخابات، اللواء رفعت قمصان، في اتصال مع (اليوم) لانتظار التفاصيل النهائية للجداول الرسمية لمواعيد الانتخابات الرئاسية، والمقررة يوم الأحد المقبل، رافضاً إعطاء أية تفاصيل إضافية، عمّت احتفالات شعبية كبيرة في غالبية مدن البلاد، استمرت حتى ساعة مبكرة من صباح الخميس، ترحيباً بترشح السيسي، هددت جماعة الإخوان، باستمرار تصعيدها، ودعت لمسيرات غاضبة اليوم الجمعة في جميع الميادين. وهاجم القيادي بتحالف دعم الإخوان، جمال حشمت، ترشح السيسي، واعتبر في أول رد فعل لمسؤول بالجماعة، أنه «سيصبح رئيسًا بالتزوير، وإنه مقاتل بسلاح جاء فوق دبابته ليحكم مصر قهرًا، كما أن ظهوره السياسي ضعيف، وترشحه للرئاسة ترشح لمجلس محلى ليس لديه برنامج»، وتابع: «حديث المشير السيسي عن أن حملته الانتخابية ستكون غير تقليدية لأنه خائف؛ فليس معقولاً أن قاتلاً يقتل شعبه ثم يترشح للرئاسة». وبينما كرر ذات الأمر، القيادي الهارب في لندن إبراهيم منير، الذي أكد أنه «لن يكون هناك استقرار أو أمن في ظل رئاسة عبد الفتاح السيسي». قلل القيادي السابق ب»الإخوان» الدكتور كمال الهلباوي، من قدرة الجماعة على فعل شيء، وأكد: إنها أصبحت «لا تملك من الأمر شيئًا، بعد أن تفرقت إلى كتل متنازعة منهم من يرتكب العنف، ومنهم من يدينه، وطرف آخر يلتزم الصمت ليرى ما ستؤول إليه الأمور». وأضاف: إن خطاب السيسي «حذر الإخوان من ارتكاب مزيد من الأخطاء في حق الوطن». كما أنه «فتح الباب أمام الجماعة للعودة إلى رشدها، خاصة من التزموا الصمت ولم يحرضوا على العنف من قياداتها وعناصرها». صمت مرسي بذات السياق، كشفت معلومات أن الرئيس السابق محمد مرسى، شاهد بيان المشير السيسي من داخل محبسه الانفرادي بسجن برج العرب. ووفق مصادر من داخل السجن، فإن مرسى ظل صامتًا طوال كلمة السيسي ورفض التعليق على البيان. صباحي يرحب من جهته، رحب حمدين صباحي المرشح المحتمل للرئاسة بإعلان ترشح السيسي. وقال صباحي، في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أرحب بترشح السيد عبد الفتاح السيسي، ونسعى لانتخابات ديمقراطية نزيهة شفافة تضمن حياد الدولة وحق الشعب في اختيار رئيسه بإرادته الحرة». استنفار أمني ميدانياً، شهدت القاهرة وعدة محافظات مصرية، رفع درجة الاستنفار الأمني بمحيط الميادين والمنشآت الحيوية عقب إعلان وزير الدفاع السابق، ترشحه لانتخابات الرئاسة. وكشف مصدر أمني مسئول بوزارة الداخلية، عن تكثيف الإجراءات الأمنية في محيط أقسام الشرطة وكافة السجون والمحبوس بداخلها قيادات الجماعة الإرهابية، كما تم نشر عناصر من العمليات الخاصة من وزارة الداخلية بالتنسيق مع رجال القوات المسلحة على كافة المحاور والطرق السريعة، وذلك تحسبًا لأي أعمال إرهابية والتصدي لأعمال شغب قد يقدم عليها عناصر تنظيم الإخوان عقب إعلان المشير عبد الفتاح السيسي خوض الانتخابات الرئاسية. ورفعت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية بكافة القطاعات المختلفة بالوزارة مساء أمس الأربعاء، حالة الاستنفار الأمني بمختلف الميادين والمنشآت الحيوية. وزير دفاع جديد قال التلفزيون الرسمي: إن الفريق أول صدقي صبحي رئيس هيئة أركان القوات المسلحة المصرية أدى امس الخميس اليمين الدستورية وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي، بعد يوم من استقالة المشير عبد الفتاح السيسي من المنصب للترشح لرئاسة أكبر الدول العربية سكاناً. وقال التلفزيون: إن صبحي شارك في اجتماع لمجلس الوزراء بعد أداء اليمين أمام الرئيس المؤقت عدلي منصور. وكان منصور رقى صبحي لرتبة الفريق اول الأربعاء. ويشغل وزير الدفاع والإنتاج الحربي منصب القائد العام للقوات المسلحة في نفس الوقت. وقال التلفزيون المصري: إن اللواء محمود حجازي خلف صبحي في منصب رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة.