إن من أكبر النعم التي أنعم الله بها على بني البشر، هي نعمة الاختيار، فهي هبة من المولى -عز وجل- لنا. فالإنسان له القدرة على اختيار الطريقة التي يريد أن تسير عليها حياته، ولكن للأسف الشديد كثير من الناس لا يحسن استخدام أو الاستفادة من هذه النعمة بالشكل الذي يعود عليه بالنفع. فكما نعلم أن الحياة عبارة عن سلسلة من الاختيارات المتواصلة، وأن الإنسان فيها مخير في كل ما يصدر عنه من أفعال أو انفعالات. ويترتب على هذا الأمر، أن كل إنسان يتحمل مسؤولية كل ما يصدر عنه من سلوكيات، سواء كانت صوابا أو خطأ، إضافة إلى أنه ليس للعالم الخارجي -سواء كان هذا العالم الخارجي أشخاصا أو أحداثا تمر بالشخص-، أن تفرض عليه أو تجبره على ممارسة سلوكيات لا يريدها، فالخيار له ابتداء، فعلى سبيل المثال: عندما يقرر شخص السفر الى مكان ما، فله الخيار في استخدام الوسيلة التي يريد السفر بها، أو الوجهة التي يريد التوجه لها دون أن يجبره أحد على ذلك، وهنا قد يتساءل شخص ما، فيقول هناك أحداث خارجية تحدث من حولي، وليس لي الخيار في حدوثها من عدمه، كموت قريب أو مرض أو نحو ذلك؟ فنقول، صحيح انه ليس لك الخيار في حدوث تلك الأحداث من عدمه، ولكن لك الخيار في استخدام ردة الفعل المناسبة أو الطريقة التي تتفاعل بها مع تلك الأحداث. فقوة الاختيار هي سياج نفسي يحمي الإنسان من أية مؤثرات خارجية إلا بإرادته.