يحق لمتابع كهل مثلي عرف نادي النهضة عن قرب، وشهد سنوات عزه وألقه وانتصاراته، ثم سنوات التردي والاخفاقات على مدى 37 سنة أن يدلي بدلوه. أعتقد أن هبوط فريق النهضة مؤكد بنسبة 95%، لكنه ليس حكماً بالمؤبد وراء قضبان دوري ركاء، إنه امتحان جديد لما يمكن أن يكون عليه الفريق في الموسم المقبل، فمارد الدمام يملك خامات ومواهب جيدة تنقصها الخبرة وثقافة الاحتراف، لكن طرائق اللعب التي انتهجها الفريق متقلبة وغير مستقرة بسبب تعاقب ثلاثة مدربين الروماني بلاتشي وأيمن مخلوف التونسي ثم مواطنه جلال القادري، كما لم يوفق الفريق بلاعبيه الأجانب. ولأننا بزمن التكتيك والحقائق والحسابات الدقيقة، ولسنا بزمن الاماني والاحلام والتطلعات نقول: فريق النهضة لم يهبط الى قاع سلم دوري جميل فجأة (بالباراشوت) مرة واحدة، لكنه نزل على دفعات ومن خلال 23 مباراة لعبها حتى الآن لم يفز إلا في ثلاث مباريات فقط، وكان في كل مرة، وبالذات في جولة الذهاب يسير نحو الاسوأ الى أن أوصله هذا الاسوأ الى ذيل القائمة، وكنا دائماً وأبداً نحذر من هذا الانهيار الذي طال أمده، ولم نلمس التحسن الملحوظ والصحوة إلا في المراحل الأخيرة من الدوري، وبعد أن فات القطار، وأنا على يقين لو جاءت هذه الصحوة في وقت مبكر من الدوري لكان فريق النهضة ينافس حالياً على الصدارة.! ولو أنصفت جماهير النهضة فريقها، لصفقت لهبوطه، بدلاً من سخطها عليه، فالهبوط درس مفيد والاديب الانجليزي ميلتن يقول: (الفشل درس لا ضرر منه لكل فريق مجتهد، لأنه الخطوة الاولى في طريق التقدم نحو الأعالي) كما فعل فريق هجر الهابط، والعائد الآن بقوة لدوري جميل، ويقيني أن عنب هذا الموسم سيأكله مارد الدمام زبيباً في الموسم المقبل، خذوا الدروس من الفتح والتعاون ونجران والعروبة الذين صعدوا ورسخوا نسبياً أقدامهم بين الكبار، المهم الاّ يتوقف فريق النهضة ويندب سوء حظه، نأمل عودته في نهاية الموسم المقبل وهو أشد بأساً، وأقوى عزيمة، وأكثر تكاملاً، وأدق تخطيطاً، وأفضل مستوى لترسيخ أقدامه وثباته في دوري الأضواء. وحتى نكون أكثر إنصافاً وأمانة لا بد أن نشير الى رأس هرم النهضة الشيخ فيصل الشهيل رئيس النادي، إنه رجل وفيّ يحبه مجتمعه، وأصوله متجذرة في هذا الوطن، وله أياد بيضاء على الرياضة السعودية عامة، ونادييّ الهلال والنهضة خاصة، قدم لنادي النهضة على مدى سنوات طويلة أكثر مما هو مطالب به، فكان التفاف النهضاويين حوله سريعاً وإيجابياً وفاعلاً، وعندما قبل رئاسة إدارة النادي أعاد الروح والحياة الى شرايين النهضة، وواجه الفوضى بالنظام، والتسيب بالانضباط، والحقد بالحب، والاستهتار بالحزم، والخطأ العفوي بالتسامح. أُناشد رجال النهضة وأقول: ان الكبير من يكبر على الانتكاسات ويعالجها بواقعية وتعقّل، ويحوّلها بالارادة والعزيمة الى نجاحات، وعهدي بكم كباراً، عليكم العمل منذ الآن للعودة الى دوري الأضواء نهاية الموسم المقبل، وهذا ليس بمستحيل أمام روح الإرادة والعمل والتصميم، وكل نهضاوي يدرك ويقدر ما قام به وما قدمه الشيخ فيصل الشهيل من أجل نادي النهضة، إياكم التفريط بهذا الرجل المخلص، وعزاؤكم بعد الهبوط التمسك ببقائه واستمراره في قيادة سفينة مارد الدمام؛ لأنه الضمان لكل النجاحات. [email protected]