أشعر بالأسى وخيبة الأمل عندما أسافر إلى الخارج وأُشاهد وأركب شبكة قطارات حديثة داخل المدن وداخل صالات المطارات ونحن في بلادنا الأغنى بمواردها الطبيعية وعقولها النيّرة وقيادتها الداعمة لكل ما فيه خير ورخاء للوطن والمواطن. سأستعرض هنا تجربة دولة ماليزيا التي يزورها الخليجيون كل عام مرة أو مرتين بغرض السياحة، فهناك أنواع كثيرة من القطارات التي تجول أرجاء المدن الماليزية منها «Putra LRT»، يعتبر هذا القطار من أشد القطارات ازدحامًا في ماليزيا، وذلك لمروره على معظم الأماكن الهامة، وهذا القطار يعمل بالكهرباء وهو بدون سائق، حيث يعمل أوتوماتيكيًا ببرمجة مسبقة، وأجرة هذا القطار تعتمد على المسافة، وتبدأ من رنجت وعشرين سنتًا لعدة محطات. ما نبحث عنه هو زيارة لأحد المسؤولين في وزارة النقل بدون الحاشية لماليزيا أو سنغافورة، ونسخ التجربة الماليزية وكذلك قطار «K.T.M Train» يبدأ خط سير هذا القطار من محطة القطارات المركزية «كي أل سنترال» وهو قطار يعمل بالكهرباء، إلا أنه ينقل الركاب خارج العاصمة لمدن مثل مدينة سرمبان جنوب البلاد، وكذلك إلى ميناء كلانج وهو الميناء الرئيسي للبلاد، وكاجانج وروانج القريبة من شلالات تمبلر بارك، وهذا القطار أيضًا مصمَّم لنقل المقيمين، حيث إنه يمرُّ بعدة مدن معروفة، ولا يمر على الأماكن السياحية، وأجرة هذا القطار مناسبة، حيث إنه يقطع مسافاتٍ طويلة خارج العاصمة للمدن الرئيسية في ماليزيا. وأخيرًا قطار المطار السريع، وهو يبدأ من مطار كوالالمبور الدولي، وينتهي إلى محطة القطارات المركزية «كي أل سنترال» وهى على بُعد نصف ساعة من العاصمة كوالالمبور، والمحطة قريبة جدًا من فندق ميرديان وهيلتون، وأجرة الشخص 35 «رنجت ماليزي» للاتجاه الواحد، ويمكن تسليم العفش في المحطة واستلام البوردينج من نفس المحطة. أما ما يتعلق بالنقل العام فإنه توجد في ماليزيا شركات كثيرة متخصصة في النقل الداخلي أو الخارجي من ماليزيا إلى سنغافورة وتايلاند، وكلها شركات أهلية غير تابعة للحكومة، وأشهر هذه الشركات هي شركة ترانز ناشيزنال، حيث تمتلك أسطولًا مجهزًا من الباصات الفاخرة للخطوط الخارجية، وأسعارهم زهيدة لا تتعدى 40 «رنجت» لأبعد وجهة داخلية. ما دعاني لاستعراض التجربة الماليزية هو الخبر الذي نقلته اليوم عن ورشة العمل التي أقامتها وزارة النقل بالتعاون مع بعض الجهات الحكومية، ومنها أمانة المنطقة الشرقية عن الانتهاء من مرحلة دراسة الجدوى، والبدء في مرحلة التصميم الأولى التي من المقرر أن ينتهي العمل فيها بعد 7 أشهر، وتحديدًا بتاريخ 10-10-2014م، فيما تبدأ مرحلة إعداد وثائق المنافسة للمرحلة التالية من المشروع، ومن المخطط أن ينتهي العمل بها في 12-1-2015 المقبل. لا يوجد قطار يربط مطار الملك فهد الدولي بمدن الشرقية، وكذلك نفتقد إلى قطار داخل أروقة وصالات المطار تساعد المسافر أو القادم في الوصول إلى مواقف السيارات، وتكون بديلة للسلالم الكهربائية التي غالبًا ما تكون خارج الخدمة لأسباب فنية! نحتاج إلى نقل عام يوازي ما هو متوافر في الدول الأخرى من الراحة والخدمة الراقية والأسعار المناسبة، نحتاج إلى قطارات بين مدن الشرقية لا تتعطل بمجرد دخولها إلى الخدمة، وتخفف الزحمة المرورية التي تعاني منها مدن الشرقية... يا وزارة النقل ويا أمانة الشرقية.. العروض المرئية سهلة برمجتها على الحاسوب، ولكن الصعب هو تطبيقها على أرض الواقع، لا نتطلع إلى بهرجة إعلامية ونزيف للأموال في ورش العمل، واستئجار الفنادق والسيارات وغيرها من مستلزمات ورش العمل، لا نريد كل هذا!! ما نبحث عنه هو زيارة لأحد المسؤولين في وزارة النقل بدون الحاشية لماليزيا أو سنغافورة، ونسخ التجربة الماليزية، ومن ثم تطبيقها عندنا بكل أمانة وصدق مع إجراء بعض التعديلات التي تتناسب مع طبيعة المنطقة الشرقية العمرانية والنفطية! أما الاستمرار في ورش العمل وعقود الباطن فلن تؤتي ثمارها، وستظل مشاريع النقل على الورق فقط، كما ظل تطبيق التأمين الصحي على الورق منذ عشرات السنين! myalshahrani@ تويتر