لا يستطيع الأمريكيون مشاهدة مأساة أكثر من هذه الهجومات التي تقع على خيمة بها مطعم عسكري دون تساؤل: كيف أمكن حدوث ذلك.. وكيف يمكن منع تكرار ذلك ؟ . لقد حرك هذا الهجوم الغريزة فجعل حماية القوات الأمريكية في العراق ذات أولوية مباشرة . ومع ذلك، فإن هذه الغريزة خاطئة . إذ ليس بمقدور الولاياتالمتحدة تحويل كل قاعدة عسكرية إلى حصن منيع أو نشر حملات للتخويف من أجل حماية قواتها. بل يجب على قوات الولاياتالمتحدة التحرك والعمل على إعادة انتشار أفرادها حيث يكمن الخطر كما يعني في الغالب التحرك إلى الأماكن سهلة الاختراق. لو أن البنتاجون ركز على حماية القوات على المدى القريب، فسوف تستمر الحرب أطول وتزداد المصائب أكثر. وللأسف، لن تربح الولاياتالمتحدة بسهولة على الإطلاق. إن القول بجعل القوات الأمريكية في معزل عن العراقيين أو القول بفرض قيود أمنية تصعب على العراقيين التعامل مع الجيش، أمر يمثل مشكلة في حد ذاته. إذ ليس من الممكن بالنسبة للولايات المتحدة أن تحقق أهدافها السياسية في العراق - أو هدف تقليل وجودها العسكري بمرور الوقت - ما لم تعامل العراقيين على أنهم شركاء .فالمعونات الإنسانية، والمساعدات الاقتصادية، وإيجاد جيش عراقي، وقوات أمنية وقوى سياسية هي العناصر التي باستطاعتها إلحاق الهزيمة بالمتمردين وإعطاء المصداقية للحكومة الجديدة .. وكل هذا يتطلب مشاركة العراقيين . الحرب ليست من أجل إزالة المخاطر ولكنها من أجل السيطرة عليها .ولذلك يجب على أمريكا أن تعمل كل شيء تستطيعه من أجل السيطرة على المخاطر في العراق. والحقيقة الموجعة هي أن الولاياتالمتحدة تشن (حرباً تلو الحرب).. وهذا أدى بالفعل إلى قتل وإصابة أعداد هائلة من أفرادها ومن العراقيين بنسبة أكبر من تلك التي سببتها حرب الإطاحة بصدام حسين من السلطة. إنها حربها الحالية حرب ضروس ..وهذا يعنى المزيد من الهجمات قبل انتخابات العراق الشهر القادم والقتال الدائم . وعلى مدى الشهور والأعوام القادمة سيستمر المتمردون والإرهابيون في محاولة استغلال كل صدع في المجتمع العراقي وفي السياسات الأمريكية و في العلاقات الدولية والإقليمية أيضاً . لا يوجد تأكيد بأن الولاياتالمتحدة ستفوز بالحرب في العراق .. فالحرب تلو الحرب أصعب بكثير من الحرب ضد صدام حسين. لو أن أمريكا بالغت في الرد على الهجمات وسمحت لعدوها بتنفيذ جدول أعماله، فإن هزيمتها في حرب العراق لن تكون فقط ممكنة ولكنها غالباً مؤكدة . الكاتب : أنطوني إتش . كوردسمان عضو في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومؤلف كتاب : " حرب العراق : دروس استراتيجية وتكتيكية وعسكرية ".