حاول بيتر غراير في تحليل مطول نشرته صحيفة (كريستيان ساينس مونتور) بعنوان "كيف ستنتهي حرب العراق؟"، استشراف مستقبل العراق ونهاية التورط الأمريكي فيه. ورأى غراير من خلال التحليلات التي قدمها خبراء وعسكريون ومسئولون، أن أمام نهاية حرب العراق مسارين: - المسار الأول: يتقاسم الشيعة والسنة والأكراد السلطة والثروة ضمن دولة واحدة، يقوض فيها العنف الطائفي والإرهاب المرتبط بالقاعدة دون إزالته كلياً، وهذا قد يحتاج إلى نشر 30إلى 50ألف جندي أمريكي على مدى سنوات وربما عقود.-المسار الثاني: تقسيم العراق مع عودة العنف الطائفي الواسع النطاق الذي بلغ ذروته عام 2006.وقال غراير إنه بعد خمس سنوات من غزو العراق تعتبر هذه السيناريوهات أسوأ وأفضل الحالات التي تصبو الولاياتالمتحدة إليها، ولكن المفتاح الأساسي لهذه النتائج ربما يعتمد على المدة التي ستبقى فيها الولاياتالمتحدة طرفاً في هذا الصراع. وأوضح غراير أنه من وجهة النظر الأمريكية، فإن حرب العراق قد تنتهي بجرة قلم من الرئيس، أما بالنسبة للعراق فقد تحتاج إلى فترة طويلة. فحسب بعض المحللين فإن العراق اليوم يقف في منتصف الطريق، أو حتى في بداية دائرة التغيير الجيوسياسي الطويل. وأورد الكاتب قول مايكل أوهانلون، الخبير البارز في الشؤون الخارجية بمعهد بروكنغز الذي يؤيد جهود الاستمرار في زيادة القوات الأمريكية بالعراق، قال "إن الأمر سيستغرق فترة الرئيس المقبل كاملة لإصلاح الوضع". وقال غراير انه بات يبدو وكأنه لا مفر من تنافس السنة والشيعة والأكراد حتى في ظل أفضل الظروف على النفوذ السياسي والاقتصادي لسنوات قادمة. من جهة أخرى أورد المحلل قول أنطوني كوردسمان، الخبير العسكري في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إن "الشعب لن يتصالح فيما بينه بسبب العنف الضاري، والقضية هي: هل يستطيع البحث عن جملة من الترتيبات؟". وأضاف غراير أنه وفقاً لمجموعة من المحللين، إن أمريكا في الوقت الراهن لم تعد تحاول إحراز النصر، بل تعمل على تجنب الهزيمة. لكن غراير اعتبر أن السؤال الأهم مطروح هو: هل تراجعُ العنف الطائفي الحالي تراجعاً حقيقياً أم أن السنة والشيعة يعيدون تسليح أنفسهم؟ فالمحللون حسب غراير يقولون إن إيران كانت أكبر المستفيدين من حرب العراق والإطاحة بنظام الراحل صدام حسين، ولكنها في نفس الوقت لا تريد عراقاً غير مستقر. وأضافوا أن الوجود الأمريكي في العراق يصب في مصلحة إيران لمنع السنة "المتطرفين" من مساعدة "المتمردين" السنة على إقامة دولة سنية. ومن وجهة النظر الإيرانية، فإنه في الوقت الذي تصعد فيه طهران، تبقى أمريكا غارقة في العراق ومسلوبة القوى إقليمياً بسبب سياسات حليفتها (إسرائيل). أما تركيا فترى حسب غراير في توحد العراق مصلحة لها، لأنه في حالة تقسيم العراق قد ينضم جميع أكراده إلى كردستان التي ستتعاظم حينذاك، وهذا ما يعتبر أسوأ سيناريو تخشاه أنقرة. أما على الجبهة العراقية، يقول المسئولون إنهم بحاجة إلى وقت كاف لتعلم طرقهم الخاصة نحو الديمقراطية وتنمية قوات عراقية قادرة على توفير الأمن للبلاد. وفي هذا السياق أورد الكاتب في مقاله بصحيفة (كريستيان ساينس مونتور) قول ناصر العبيدي، نائب رئيس هيئة الأركان إن "العراق كقطعة قماش تمزقت وقد يستغرق إصلاحها وقتاً طويلاً". وإصلاح الوضع في العراق كبلد موحد لا يشكل ملاذاً للمسلحين ويخضع لحكم مستقر بعيد عن النفوذ الخارجي، قد يستغرق ما بين 3إلى 5سنوات على أقل تقدير، وبوجود أمريكا يتراوح ما بين 25إلى 50عاماً. (خدمة ACT خاص ب"الرياض")