الكتابة نوع من أنواع البوح الإنساني الذي من خلاله نستطيع تسجيل رأي أو موقف أو نُضِيف معرفة من أجل الفائدة والنفع العام. ونستطيع تحديد الهدف من وراء الكتابة بل ربما هذا هو الهدف الأسمى والغاية التامة من وراء الكتابة، إلا أن البعض وبعد ممارسة الكتابة والغور فيها تتكون لديه أهداف أخرى غير ما ذُكر، من مسألة النفع العام والاستفادة والإفادة وبيان بعض المعارف للقارئ والمتلقي وإضافة معلومات قد يكون المستفيد في حاجة ماسة إليها، وكون الكتابة رسالة شريفة يؤديها الكاتب ليوصلها بأمانة إلى من يتشوق إليها ويستفيد منها، فإنه كما قلنا البعض الآخر بعد ممارسة الكتابة تتولد لديه أهداف أخرى قد تكون للأسف لا تخدم الكتابة، إذ إن الهدف الحقيقي من ورائها الفائدة كما ذكرنا. قد يكون همّ بعض الكتّاب ليس الغاية بالدرجة الأولى وإنما بعض الوسائل الرخيصة التي يحصلون عليها من خلال الكتابة كالمال مثلا، فالبعض منهم للأسف (أي الكتّاب) يكتب فقط من أجل الحصول على ذلك، فلو لم يتمكن من التعاقد أو لم يُطلب للكتابة في صحيفة (ما) فإنه عندئذ لن يكتب حرفا واحدا لأنه لم يحصل على المال، وإذا لم يحصل له التوفيق في الكتاب الفلاني ولم تشتره أو تتبنه جهة معينة فإنه لن يؤلف ويُصدر كتاباً في المرات القادمة، وإذا علم أنك تكتب من غير أجر نُعتَّ بصفات غريبة عجيبة لأنك تكتب بالمجان! وهوجمت بوابل من الأسئلة، لماذا لا تكتب لصحيفة ما؟ أو مجلة ما؟ إذ إنها تعطي المكافآت الجيدة! وهكذا ديدنهم وكأن تسويق الأفكار بالمال وبالإكراه، وكأنهم لا يعلمون ولا يعون أن الأفكار إنما ثمنها في نفعها وخدمتها الصالح العام، والقبول والذوق ملكتان لدى القارئ الفطن والمتمكن. وصنف من الكتّاب يكتب من أجل الكتابة فقط، ليس لديه هدف من هذا النوع ولا ذاك، وهذا لا شك انه سيتخبط في كتاباته لأنه ليس لديه هدف محدد يكتب من أجله. فإذاً نبقى مع النوع الأول من الكتّاب، إذ إنهم وحدهم فقط من لديهم الهدف الأسمى والأجدر للكتابة، وهو الرقي بالفكر الإنساني وتقريب الحقائق إلى الأذهان وإيصال رسالة العقل السليم إلى طلابه ومريديه، وبهذا النوع من الكتابة والكتّاب نسمو ونرتقي ونستفيد.