بلغت آفة التعصب المقيت مداها وتجاوزت حدود المعقول واللامعقول، حتى ضربت أطنابها ولم تجد من يتصدى لها بعد أن زرعها بعض الإعلام منذ سنوات في الوسط الرياضي برمته ونفث سمومها حتى دخلت أخيرا مكاتب الموظفين الرسميين، لاسيما أنها أتت أُكُلها في مقاعد الدراسة والمقاهي والمدرجات.. وهذا الإعلام الذي تخلى عن شرف المهنة وأدبيات الصحافة، واعتاد على بث أفكاره الهدامة، لم يجد من يردعه ويوقفه عند حده، وهذا السكوت الغريب من الجهات المعنية جعلته يتمادى حتى بات الوضع خارج السيطرة وأصبحنا أضحوكة عند من حولنا.. هؤلاء شوهوا معنى التنافس الشريف وقتلوا روح التحدي الذي يُفترض أن لا يتجاوز حدود المستطيل الأخضر؟، ولماذا تخلت الجهات الرقابية عن دورها تجاه ما يحدث؟، أليس من واجبها قمع الفساد الفكري والضرب بيد من حديد على كل من يحاول إذكاء نار الفتنة والعنصرية في وسطنا الرياضي؟ من يصدق أن بعض الموظفين الرسميين الذين يجب أن يقفوا مع 153 ناديا على مسافة واحدة، أقاموا الأفراح والليالي الملاح داخل مقر عملهم ابتهاجا بفوز فريقهم المفضل في مباراة دورية لم تمنحه بطولة ولم تعطه صدارة ولا تتجاوز أهميتها سوى ثلاث نقاط فقط.. ومن يصدق أن مذيعاً وفي برنامج مباشر عبر الأثير يخرج عن نطاق الذوق العام ويطلق العنان لنفسه ويتحول إلى مشجع "منفلت"؛ لكي يسيء لنفسه ولبرنامجه وللإذاعة قبل أن يسيء للآخرين.. هؤلاء شوهوا معنى التنافس الشريف وقتلوا روح التحدي الذي يُفترض أن لا يتجاوز حدود المستطيل الأخضر؟، ولماذا تخلت الجهات الرقابية عن دورها تجاه ما يحدث؟، أليس من واجبها قمع الفساد الفكري والضرب بيد من حديد على كل من يحاول إذكاء نار الفتنة والعنصرية في وسطنا الرياضي؟. لا غضاضة أن يشجع الموظف -أيا كان- فريقا معينا وليس عيبا أن يبدي الإعلامي بصفة عامة ميوله لهذا الفريق أو ذاك، بشرط أن يكون ذلك في حدود اللباقة واللياقة التي بطبعها ستسعفه في الوقت المناسب لكبح جماحه، ولكن عندما يكون في موقع المسؤولية فإنه مطالب بالحياد التام وإلقاء ميوله في سلة المهملات.. في "برنامج كورة" خرج مدرب الرائد المُقال الجزائري نورالدين زكري، وقال بكل تجرد: "إن هناك بعض الإعلاميين مرتزقة، يبيعون أنفسهم ويكتب كل منهم ما يُمليه عليه "سيده"!!!.. وهذه الحقيقة المُرة لم يأت بها المدرب المغترب من وحي الخيال أو من بنات أفكاره، وإنما هي واقع ملموس وشعور محسوس لدى الجميع شئنا أم أبينا.. وخلاصة القول: إن جل إعلامنا المرئي والمقروء والمسموع أصبح يُقاد ولا يقود، وتابعا لا متبوعا، فهو يغمز ويلمز ويقدح ويتهم ويُسقط دون رقيب أو حسيب، وإذا لم يستشعر المسؤولية المُلقاة على عاتقه من تلقاء نفسه، ويعي الخطر الذي يحدق بوسطنا الرياضي، ويعمل جاهدا مع الرئاسة العامة ووزارة الإعلام واتحاد القدم والأندية لطرح وتبني بعض الأفكار والمقترحات التي من شأنها نبذ التعصب بكل صوره وأشكاله، فإن وسطنا المعتم حاليا سيزداد ظُلمة مستقبلا.