أفادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في أحدث تقرير أصدرته مؤخراً حول أفريقيا، بأن 23 بلداً في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا تواجه حالات غذائية طارئة خلال الموسم الصيفي . وحذرت المنظمة أنه بالرغم من الانخفاض الإجمالي في متطلبات المنطقة للمعونات الغذائية، ورداءة موسم الأمطار والصراعات الداخلية وفيروس نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) فإن عملية واحدة من عمليات غزو الجراد قد عرضت الملايين من بني البشر الى حالة خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، ناهيك عن الحاجة لتقديم المعونات الغذائية الطارئة لهم. وذكر التقرير أن احتياجات منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا للعام الماضي 2004 قدرت بنحو 2.9 مليون طن مقارنة بنحو 4 ملايين طن في العام قبل الماضي (2003). الصراعات وقد ترتب على الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور في السودان عواقب خطيرة على حالة الأمن الغذائي، حيث أشار التقرير الى أن أكثر من 1.2 مليون شخص قد أُضطروا للتخلي عن مساكنهم وحقولهم . وأشار التقرير أيضا الى أنه رغم هطول الأمطار بصورة جيدة وتحقق موسم حصاد حبوب قياسي في العام الماضي فإن آفاق عام 2004 سيئة للغاية حيث إن" التقارير تعطي صورة قاتمة لاسيما وأن الصراعات قد طوقت كل أجزاء دارفور تقريباً ، الأمر الذي أدى الى تعطيل عملية الإنتاج الزراعي وبقية الأنشطة الضرورية الأخرى ". يُذكر أنه قد تمت الموافقة على تنفيذ عملية طارئة مشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في الثالث من يونيو الماضي، لتقديم أكثر من 195 مليون دولار على شكل معونات غذائية طارئة لمليوني شخص تضرروا في السودان . أفريقيا الشرقية وفي أفريقيا الشرقية أدت رداءة موسم الأمطار والآثار البطيئة المتواصلة لموجات الجفاف والصراعات الى تفاقم حالات خطيرة من نقص الإمدادات الغذائية في عدة بلدان. وأفاد التقرير بأن الحالة في الصومال تثير المخاوف الى حد كبير لاسيما أن الآثار المتراكمة لموجات الجفاف المتكررة والصراعات الأهلية المتواصلة منذ فترة طويلة، قد أدت الى وقوع حالات شديدة من انعدام الأمن الغذائي فيها. ففي شمال شرق البلاد، وصف التقرير الحالة بانها "مثيرة للقلق على نحو خاص" وذلك بعد انخفاض معدلات هطول الأمطار على مدى 4 سنوات دون مستواها الاعتيادي مما ادى الى نفوق نحو 80 في المائة من المواشي في بعض المناطق، مشيرا الى أن كل هذه المشاكل قد تفاقمت مع تصاعد الصراعات الأهلية في بعض المناطق من جنوب ووسط البلاد. وفي أثيوبيا وبالرغم من موجة التفاؤل المبكر فإن الأمطار لم تكن كافية، في حين أن في أريتيريا من المحتمل جداً أن يكون موسم الحصاد متأثراً بالجفاف، أما في أوغندا فإن آفاق المحاصيل غير مواتية وذلك بسبب الأمطار غير المنتظمة الأمر الذي جعل البلاد تشهد حالات من انعدام الغذائي خاصة شمال غرب البلاد. وفي كينيا التي تميزت بآفاق محاصيل غير مواتية اضطرت الحكومة بعد وقوع التسمم بالافلاتوكسين إلى أن تزيد من عمليات توزيع الأغذية في المناطق التي تتوافر فيها مخزونات غذائية متلوثة. الصراعات وغزو الجراد مشكلتان رئيسيتان في غرب أفريقيا: تبقى حالة إمدادات الأغذية إجمالاً في غرب القارة الأفريقية مرضية ، مما يعكس مواسم جيدة في عام 2003، غير أن تقرير المنظمة يؤكد أن المصاعب الغذائية تبقى متواصلة في عدة بلدان أُخرى. فبالرغم من أن الجراد الصحراوي يشكل تهديداً خطيراً في منطقة الساحل لموسم المحاصيل القادم للعام الحالي فإن عمليات المكافحة تبقى معطلة بشدة جراء النقص في الموارد. وتتواصل حالة انعدام الأمن الغذائي وعدم تيسر المُدخلات الزراعية في خلق المشاكل في كوت دوفوار (ساحل العاج) ، غير أن هناك مؤشرات على حصول تحسن في بعض المناطق كما ورد في تقرير المنظمة، أما في سيراليون فإن حالة الأمن الغذائي تبقى هادئة، في حين تتعاظم حالة المزارعين المشردين العائدين وتزداد تحسناً فرص وصولهم الى المدخلات الزراعية . ولا تزال مشكلة المتشردين داخلياً واللاجئين قائمة في هذين البلدين في حين أن في ليبيريا وغينيا تبقى الحاجة الى المعونات الغذائية قائمة. وفي تشاد أدى القتال في المنطقة القريبة من السودان الى تدفق 200000 لاجئ تقريباً الأمر الذي جعل مخزونات السكان المحلية من الأغذية تحت ضغط شديد، مما أدى الى ارتفاع أسعار الحبوب بصورة ملحوظة . وسط أفريقيا ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج الحبوب للسنة الثالثة على التوالي في جمهورية أفريقيا الوسطى وذلك بسبب الحروب الأهلية رغم الظروف المناخية المواتية . وكذلك الحال في جمهورية الكونغو حيث إن الحالة الأمنية الحساسة لاتزال تعيق تقديم المعونات الإنسانية، لذلك تبقى الكثير من التحديات قائمة لتحسين الإنتاج الزراعي رغم التوقيع على اتفاقيات السلام مؤخراً. وفي بوروندي لابد أن تُسجل بعض التحسينات في إنتاج المحاصيل الغذائية للعام الماضي 2004 إلا أن اندلاع موجة من فيروس نبات الكسافا قد أدى الى رفع أسعار الجذور والألياف بنسب تتراوح بين 50 الى 100 في المائة في بعض المناطق. فيروس الإيدز والجفاف يحدقان بالجنوب الأفريقي : واستناداً الى تقديرات عام 2004 بشأن حصاد الحبوب في الجزء الجنوبي من القارة الأفريقية فإن الإنتاج كان بحدود 20 مليون طن أي بنسبة انخفاض مقدارها 4 في المائة مقابل العام الماضي. فقد انخفض إنتاج الذرة الذي يُعد المحصول الأهم في المنطقة بنسبة 9 في المائة مقارنة بالسنة الماضية ليبلغ 14 مليون طن. وسجلت كل من ليسوتو وملاوي وجنوب أفريقيا وسوازيلاند وزيمبابوي إنخفاضاً في إنتاجها للعام الماضي من الحبوب، في حين تمتعت كل من أنغولا وبوتسوانا ومدغشقر وموزمبيق وناميبيا وزامبيا بزيادة في إنتاجها. يذكر أن التقرير حول أفريقيا يصدر عادة عن دائرة النظام العالمي للمعلومات والإنذار المبكر لدى منظمة الأغذية والزراعة ويستند بصورة جزئية الى تقارير البعثات المشتركة بين المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي الى البلدان الأفريقية طوال السنة.