تعرف القيادة والغالبية من أبناء الشعبين الفلسطيني والإسرائيلى أن الصراع لن ينتهي طالما لم نتحدث عن جوهره، ولن يستقر وقف إطلاق النار طالما لم نتحدث عن الاتفاق الدائم وقد عرض أريئيل شارون، في مؤتمر هرتسليا، رؤياه قائلاً: في العام المقبل قد تحل فرصة التوصل إلى اتفاق مع جيراننا، ينهي أربع سنوات من الحرب والأزمة الاقتصادية. ويعتمد الأمل الجديد، طبعاً، على الادعاء بأن القيادة الفلسطينية الجديدة ستعيدنا إلى الراحة. يعتبر الأمل حاجة نادرة ومهمة، لكنه بما أن العقد الماضي تميز باندلاع تفاؤل مشتبه، فمن المفضل الخوض في التفاصيل. تتبع الحوار السياسي لدى الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني، يطرح دلائل مثيرة للقلق. الجانبان يتحدثان عن الفرص، لكن تحليلها يختلف بشكل مطلق - تماماً مثلما حدث قبل عقد زمني. الفلسطينيون يتحدثون عن 2005 كسنة الاستقلال والتحرر في دولة عاصمتها القدس، أما شارون فيتحدث عن مراحل. عن عملية تظهر في أفقها، كلما أبعدنا النظر، اتفاقية مرحلية طويلة المدى. الجانبان يقتبسان الوثائق ذاتها - "خارطة الطريق"، خطاب بوش- بل ويذكران "اقامة دولتين للشعبين"، لكنهما يقصدان جوهرين مختلفين. حسب طريقة شارون، سيسيطر الفلسطينيون على مناطق (A) و(B)، نصف مساحة الضفة الغربية تقريباً، مع ضمان مواصلات متصلة بينهما. هذا الوضع يلائم ما يسمى "المرحلة د. في خارطة الطريق": دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة. من جهتهم يؤمن الفلسطينيون بأنه ستجرى في العام 2005، بشكل متزامن مع تنفيذ مراحل خارطة الطريق، مفاوضات حول بقية المسائل المتعلقة بالاتفاق الدائم (اللاجئون، الحدود، والقدس(، وأنه سيتم التوصل إلى اتفاق بشأنها. قبل عقد زمني، قدر الفلسطينيون أن إسرائيل ستتنازل عن السيطرة على المناطق الفلسطينية، وكذلك عن بناء المستوطنات، وأن المفاوضات حول الاتفاق الدائم ستبدأ بسرعة. وكما نعرف، ليس هذا ما حدث. فخلال فترة أوسلو، ارتفع عدد المستوطنين في المناطق الفلسطينية من 100 ألف إلى أكثر من 200 ألف، وبدأت المفاوضات حول الحل الدائم بعد سنوات من التأخير، وآلت إلى الفشل.لن تتحقق الآمال في الجانبين طالما بقيت تناقض بعضها. اليوم، بعد أربع سنوات من المواجهة الدامية، التي دفع فيها الطرفان ثمناً باهظاً حتى أدركا أن استمرار الحرب سيدمرهما معاً، يتحتم عليهما التضرع استئناف المفاوضات. تعرف القيادة والغالبية من أبناء الشعبين أن الصراع لن ينتهي طالما لم نتحدث عن جوهره. بل إن وقف إطلاق النار لن يستقر طالما لم نتحدث عن الاتفاق الدائم. نعم، يمكن لسنة 2005 أن تشكل نقطة تحول، لكنها ستكون كذلك، فقط إذا تداخلت توقعات الطرفين ببعضها البعض. "الاتفاق المرحلي طويل المدى" الذي يطرحه شارون، و"الاتفاق الدائم بصيغة جنيف" الذي يطرحه أبو مازن لا يلتقيان حالياً. وهذا هو سبب الفجوة بين الآمال، التي يجب جسرها. يجب أن تقوم غالبية أبناء الشعبين بممارسة قوتها ودفع الاتفاق الدائم إلى مقدمة جدول الأعمال حتى يتم تحقيق التسوية التاريخية المرجوة بين أبناء الشعبين المتناحرين. مازال الطريق طويلاً حتى تتحقق الآمال.