إن لم يكن الأمر متعلقاً بالإسراف الهائل لنقود دافعي الضرائب, فإنه يتعلق بالفشل الذريع لإدارة بوش في إصرارها على نشر منظومة دفاع صاروخيه لم تثبت فعاليتها تماماً فاستحقت بذلك أن يطلق عليها : " مهزلة حرب الكواكب ". فبعد مرور عامين من اختبارات الطيران المملة بسبب الأعطال الميكانيكية الكثيرة المنتشرة بهذا النظام الدفاعي, حاولت وزارة الدفاع الأمريكية, البنتاجون, التجربة من جديد هذا الأسبوع ولكنها أخفقت مرة أخرى .. حيث لم ينطلق صاروخها الاعتراضي وتوقف عن العمل عندما أعطيت له إشارة بالانطلاق لمواجهة صاروخ معادٍ يحمل رأساً حربية صورية في المحيط الهادئ. هذا الفشل الذي كبد البنتاجون 85 مليون دولار أمريكي كان بمثابة آخر دليل على أن درع الصواريخ, وهو تركيبة معقدة من مجموعة منوعة من تقنيات تكنولوجية غير مختبرة, لم يخرج بعد عن طور الحُلم. ورغم ذلك, يواصل البنتاجون خططه الدفاعية الجوفاء من أجل الإسراع في "تشغيل" أولى مخابئ الصواريخ على طول ساحل المحيط الهادئ. والسؤال الذي يطرح نفسه هو : أين " صقور "الميزانية المتزايدة التي طالب بها الجمهوريون بالكونجرس؟ إذ أن صواريخ الدرع الموثوق بها زعماً تجاوزت نفقتها التطويرية 130 مليار دولار بالإضافة إلى 53 مليار دولار أخرى ستضخ في غضون السنوات الخمس القادمة. وفي حملته الانتخابية الأولى, تعهد الرئيس جورج بوش بجعل الدرع صالحة للعمل خلال هذا العام, ولكن النقاد المطلعين بما فيهم 49 لواء وأدميرال نصحوا الرئيس بالتخلي عن هذا المشروع الزائف وتوجيه المزيد من النقود إلى مكافحة الإرهاب في أماكن دفاعية تخلو من التقنيات العالية مثل موانئ البلاد المعرضة للهجوم وحدودها ومستودعات الأسلحة النووية بها . إذا وضعنا في الحسبان بلداناً تحتال في مجال تطوير الصواريخ النووية مثل كوريا الشمالية, فسوف نحتاج يوماً ما إلى درع ناجحة جديرة بالثقة ثم إثبات كفاءتها بالفعل .. أما هذه الدرع بحالتها الراهنة, فإنها دراسة حالة " عن كيفية التهور نحو الفشل.