في الثالث عشر من كانون الأول ديسمبر 2013، وافق أعضاء مجلس النواب الأميركي بأغلبية كبيرة على القانون السنوي لسياسة الدفاع، الذي خصص 633 مليار دولار للإنفاق عام 2014. وسيجري تخصيص 552.1 مليار دولار للإنفاق على الدفاع الوطني، و80.7 مليار دولار للعمليات العسكرية الخارجية، بما في ذلك أفغانستان. وتضمن مشروع القانون 80 مليون دولار كتمويل إضافي للتعامل مع مشكلة تسببت في فشل تجربة دفاع صاروخي في تموز يوليو 2013، إضافة إلى 30 مليون دولار لتصميم وتطوير الجزء المستخدم من الصاروخ الاعتراضي لإصابة الصاروخ المستهدف، وتدميره لدى الاصطدام به. ودعا مشروع القانون وكالة الدفاع الصاروخي إلى نشر نظام رادار آخر، لحماية الولاياتالمتحدة من التهديدات الصاروخية الكورية، وضمان نشر أجهزة رصد أخرى على الساحل الأطلسي للولايات المتحدة للدفاع ضد ما اعتبر مخاطر صاروخية من إيران. كما خصص 20 مليون دولار لتمويل جهود لاختيار موقع اعتراض أميركي إضافي. ويتشكل نظام الدفاع الأميركي الوطني المضاد للصواريخ من خمسة عناصر، وهو نظام دفاع صاروخي استراتيجي، وهذه العناصر هي: قواعد أرضية للصواريخ الاعتراضية من طراز (GBI). وهناك موقعان لهذه الصواريخ في ألاسكا وكاليفورنيا. مركز قيادة وسيطرة واتصالات. محطة رادارات عاملة بالترددات السينية. مركز للإنذار المبكر. برنامج دعم فضائي. ويجب أن تعمل هذه العناصر الخمسة مجتمعة، للتصدي للصاروخ المهاجم، الذي يستهدف أراضي الولاياتالمتحدة. وفي السابع عشر من أيلول سبتمبر 2009، تخلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن تصورات إدارة سلفه بوش الابن حيال الدرع الصاروخي في شرق أوربا. وقضى النظام الجديد، الذي أعلنه أوباما، اعتماد رادارات وصواريخ اعتراضية، محمولة على متن السفن، حيث تعتمد دفاعات البحرية الأميركية في الأصل على منظومات إيجس. وقال الرئيس أوباما: إن هذا النظام يتصف بكونه شديد المرونة والحركة. وأشار إلى سببين يقفان خلف قراره بالتخلي عن التصوّر القديم للدرع الصاروخي، وهما: الأول، التقديرات الاستخباراتية، التي تشير إلى أن إيران تركز على تصنيع وتطوير منظومات صاروخية، قريبة ومتوسطة المدى، وليست بصدد إنتاج صواريخ باليستية طويلة أو عابرة للقارات، في المدى المنظور. والثاني، أن التطوّر التقني الذي شهدته أنظمة الصواريخ الاعتراضية يشير إلى أن استخدام القواعد أو السفن البحرية أكثر قدرة على حماية أوربا من أنظمة الدفاع الصاروخي المثبتة على الأرض. وقد حصل أوباما، خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي عُقدت في لشبونة، في 19 تشرين الثاني نوفمبر 2010، على دعم الحلفاء الأطلسيين لمشروعه الجديد، الخاص بالدفاع المضاد للصواريخ في أوربا. وسوف تتشكل المنظومة الأميركية المضادة للصواريخ، المقرر إقامتها خارج الأراضي الأميركية من أربع مراحل، وذلك على النحو التالي: في المرحلة الأولى، سوف يجري نصب منظومات للدفاع المضاد للصواريخ، من طراز (AEGIS)، وصواريخ اعتراض قياسية من طراز(SM-3 block1A) في بولندا. وذلك بالإضافة إلى محطة رادارية متحركة في جمهورية التشيك. في المرحلة الثانية، أي حتى العام 2015، سيجري نشر النموذج المطوّر للصاروخ سابق الذكر وهو (SM-3 block1B)، بهدف توسيع المنطقة المحمية من الصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى، حيث سيجري نشره في البر والبحر، على حد سواء. في المرحلة الثالثة، أي حتى العام 2018، سيتم نشر صواريخ (SM-3 block2A) على سفن القوات البحرية الأميركية، في ثلاث مناطق على أقل تقدير. في المرحلة الرابعة، أي حتى عام 2020، سيجري نشر الصواريخ الاعتراضية من فئة (SM-3 block2B) لتواجه خطر الصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى، إلى جانب الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. ويُمكن إطلاق هذه الصواريخ أيضاً من منصات أرضية متنقلة، أي أن ضرب مواقع إطلاقها يُعد أمراً صعباً. إن كون المنظومة الجديدة تعتمد، بصفة أساسية، على صواريخ اعتراضية محمولة على متن السفن الحربية، يعني أن الولاياتالمتحدة بمقدورها عملياً مدها إلى كافة مناطق العالم، التي تقرر التركيز عليها. وذلك دون الالتفات لأي اعتراض من هذه الدولة أو تلك، إذ إن القانون الدولي يجيز تمركز السفن الحربية الأجنبية في أعالي البحار، خارج المياه الإقليمية للدول ذات السيادة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن صواريخ (SM-3) المطوّرة تُعد ذات معدلات تسارع عالية، لديها ارتفاع اعتراض يفوق 1000 كيلومتر. وقد اختُبرت هذه الصواريخ بنجاح، كسلاح مضاد للأقمار الصناعية. وهذا يعني أن لديها القدرة على مواجهة الصواريخ الباليستية، بما فيها تلك العابرة للقارات (ICBMs)، وكذلك الصواريخ الجوالة، التي تُطلق من الغواصات. في السياق ذاته، طوّرت الولاياتالمتحدة نظام فضائي للدفاع الصاروخي، يعتمد على ليزر جرى وضعه على متن طائرات من طراز (Boeing 747)، تم تحويلها إلى طائرة ليزر عسكرية، بهدف اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وهي في مرحلة مساراتها المتقدمة. واستخدم الولاياتالمتحدة أجهزة بصرية، ومرسلات للأشعة تحت الحمراء، مثبتة على الأقمار الصناعية، من أجل مراقبة الأهداف الأرضية. وكان البنتاغون قد تبنى برنامجاً للرادارات المنصوبة على الأقمار الصناعية، يستهدف تأمين المراقبة الدائمة للأنظمة الصاروخية الجوالة، بغض النظر عن الظروف الجوية، ودرجة الإضاءة على النطاق العالمي، باستثناء المناطق الواقعة فوق 65 درجة من خطي العرض الشمالي والجنوبي. ويفترض هذا البرنامج إطلاق 21 قمراً صناعياً إلى المدار خلال الفترة بين 2015 - 2020. على الصعيد الأرضي، يتم في الوقت الراهن توجيه الصواريخ الاعتراضية، التابعة للمنظومة الأميركية المضادة للصواريخ، في موقعي ألاسكا وكاليفورنيا، بواسطة محطات رادار عملاقة للكشف المبكر، أقيمت في كل من النرويج وغرينلاند. على صعيد التحديات المستجدة، أعلن وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، في السادس عشر من آذار مارس 2013، عن خطط لتعزيز الدفاعات الصاروخية في ولاية ألاسكا لمواجهة التهديد النووي الجديد الذي تشكله كوريا الشمالية. وقد تضمنت الخطط إضافة 14 صاروخاً اعتراضياً في ألاسكا بحلول العام 2017، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 44 صاروخاً. ومثل قرار إضافة 14 صاروخاً اعتراضياً جديداً عدولاً عن قرار سابق بوقف توسيع منطقة الدفاعات الصاروخية هناك، وإبقائها عند 30 صاروخاً اعتراضياً. وفي تصعيد غير محسوب في الموقف، أعلنت كوريا الشمالية، في 26 آذار مارس 2013، أنها أمرت بوضع صواريخها بعيدة المدى في حالة تأهب قتالي، لاستهداف القواعد العسكرية الأميركية في جزر غوام وهاواي، والأراضي الأميركية نفسها، وقد جاء ذلك رداً على مناورات عسكرية بين الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية، اعتبرها الشماليون نوعاً من الاستفزاز. وفي الخامس من نيسان أبريل 2013، قالت الولاياتالمتحدة إنها تعتزم إرسال نظام دفاع صاروخي إلى جزيرة غوام لحمايتها من صواريخ كوريا الشمالية، وأن الجيش الأميركي يستعد لمواجهة "خطر حقيقي وواضح" تشكله هذه الصواريخ، كما عبر وزير الدفاع تشاك هاغل. وتحتفظ الولاياتالمتحدة بثلاث غواصات نووية في جزيرة غوام، التي تقع على ملتقى خط الولاياتالمتحدة – المحيط الهندي، وخط اليابان - أستراليا، حيث يُمكن إرساء الأساطيل الضخمة فيها، وإقلاع وهبوط القاذفات الإستراتيجية بعيدة المدى من طرازي(B-2) و(B-52). ولهذا يعتبر الأميركيون قاعدة غوام بمثابة "السور البحري العظيم" في قلب المحيط الهادي. على صعيد المقاربات الخاصة بالشرق الأوسط، تحتفظ الولاياتالمتحدة، على مدار العام، بعدد من السفن الحربية في حوضي البحر المتوسط الشرقي والغربي. وتنهض هذه السفن بمهام لوجستية واستطلاعية. والسفن الحربية الأميركية مزودة بأنظمة دفاع جوي للمديين القريب والمتوسط، والسفن الكبرى منها مزودة بثلاثة مستويات من أنظمة الدفاع الجوي، إذا أضفنا الدفاع للمدى البعيد. وتستطيع سفينة أميركية مزودة بأنظمة (AEGIS) وصواريخ (SM-3)، تتمركز في شرق البحر الأبيض المتوسط، من التعامل مع ظروف حرب صاروخية ضمن رقعة تغطي جنوبتركيا ولبنان وإسرائيل وشمال مصر. وفي سياق مقاربة الدفاعات الصاروخية ذاتها، اتفقت الولاياتالمتحدة مع إسرائيل، في أيلول سبتمبر من العام 2008، على نصب رادار من فئة (AN/TPY-2) في قاعدة نيفاتيم الجوية في صحراء النقب. ويقوم هذا الرادار، الذي يعمل بالترددات السينية(XBRs)، بتتبع الأهداف في مراحل الانطلاق، وفي منتصف الرحلة وفي نهايتها. وهو قادر على اكتشاف الصواريخ قبل ألفي كيلومتر من وصولها إلى الهدف، الأمر الذي يمنح منظومات الدفاع ما بين 60 إلى 70 ثانية إضافية، للتصدي للصاروخ المهاجم. ويعتمد الإنذار الإسرائيلي في الوقت الراهن على التقاط إشارات من قمر صناعي أميركي، يرصد انطلاق الصاروخ، ولكنه لا يوفر معلومات حول مساره ومكانه، بينما يحدد نظام (JTAGS)، الذي سيرتبط به الرادار (AN/TPY-2)، مكان الصاروخ، ويتيح توجيه الصواريخ الاعتراضية إليه، في مرحلة مبكرة من تحليقه. وعلى نحو مجمل، فإن النظام الدفاعي، الذي تسعى الولاياتالمتحدة لإقامته في الشرق الأوسط، يتكون من نظام إنذار مبكر(UEWR)، وقواعد رادار برية، وصواريخ اعتراض مثبتة براً، من طرازي (PAC- 3) (THAAD)، وصواريخ اعتراضية من طراز (SM-3)، محمولة على متن سفن حربية، مزودة بأنظمة لمعالجة النيران من طراز (AEGIS).