صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية في رام الله، الورقة 25 من سلسلة أوراق إسرائيلية تحت عنوان حضور الغياب: رحيل ياسر عرفات بأقلام إسرائيلية وتقع في 98 صفحة. وتضم الورقة 33 مقالاً تم اختيارها من مجموعة كبيرة من المقالات التي تناولت فترة احتضار الرئيس عرفات ورحيله، صيغت في معظمها بشماتة وشخصنة للصراع لكنها لم تنجح في إخفاء ما يكمن خلفها من تعبير عن عداء صارخ لكل ما يمثله عرفات من طموحات الفلسطينيين. ويشير الكاتب أنطوان شلحت، في تقديمه للمجموعة، إلى انطباعين متصلين، أولهما أن أكثر ما أزعج الإسرائيليين، بل وأقضّ مضاجعهم، في شخص الراحل هو رفضه المتواصل وإصراره المثابر على عدم مماشاة الإملاءات الإسرائيلية لعملية التسوية مع الفلسطينيين، خصوصاً بعد أن انطلقت في طريق المفاوضات السياسية، التي لم تكن مشقوقة من قبل أوسلو. والثاني، اختزال جميع السيناريوهات الفلسطينية المتوقعة بعد رحيل عرفات في سيناريو واحد ووحيد، هو السيناريو الذي تمنته إسرائيل دوماً، وهو إهالة التراب على حضور غيابه، وذلك من خلال محو إرثه السالف، وهو ما يعني أو يتعين أن يعني، على صلة بما تقدم، مماشاة الإملاءات الإسرائيلية للتسوية من الآن فصاعداً، من قبل القيادة الفلسطينية التي ستتولى إدارة الدفة بعد رحيل عرفات. ويخلص شلحت من قراءته للمقالات إلى القول: لقد تمنى الإسرائيليون غياب عرفات وتنفسوا الصعداء مع غيابه، حسبما أكد أكثر من سياسي ومعَّلِق. بَيدَ أن حضور هذا الغياب في المشهد الإسرائيلي كان من القوة والمهابة بما جعل الكثيرين يأخذون جانب التحذير المتكرر تجاه الحكومة اليمينية أو خلافها من مغبة الوقوع في وهم قبول القيادة الفلسطينية الجديدة بشروط أريئيل شارون لاستئناف المسيرة السلمية، مؤكدين أن الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي أساساً، وأنه من غير الجائز مطالبة الفلسطينيين ب (وقف الإرهاب) من دون أن تقلع الحكومة الحالية عن تعنتها، تماماً كما كانت الحال أيام عرفات كذلك.