لكي تنجح مشاريع القطارات في الخليج بصورة عامة والسعودية بصورة خاصة هناك معادلة يجب ان تكون في حسابات المسؤول والمستثمر، إذ يجب ان تكون تكلفة النقل بركوب القطارات أرخص من تكاليف النقل البري والجوي، وأغلى من تكاليف النقل البحري هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن يكون النقل بالقطارات أبطأ من الطيران، ويوازي سرعة النقل البري، وأسرع من النقل البحري. فلو كان لدينا شحنة نرغب في نقلها مثل حاوية واحدة من دبي الى الدمام، فلابد ان نحسب تكلفة نقلها، حيث لو تمت عن طريق البحر فسوف تكون التكلفة 500 دولار تقريبا، وتصل خلال مدة بين 4 و 5 أيام، ولو تم النقل من خلال البر عن طريق الشاحنات فسوف تكون التكلفة 1500 دولار تقريباً، وتصل خلال ما بين 2 و 3 ايام. أما الجو فسوف تكون التكلفة أضعافاً مضاعفة، طبعا من غير احتساب مدة التخليص الجمركي للجميع.ولأجل أن تكون هناك فائدة متوخاة من هذه المشروعات العملاقة التي من المؤمل ان تُنفق فيها المليارات، فعلينا ان ننظر بعين الإنصاف الى أجور السائقين عندنا، فهي متدنية الى أبعد حد، ويبدو ذلك جلياً اذا علمنا ان متوسط راتب السائق يبلغ 3000 ريال سعودي «800 دولار» ويعمل بدوره أكثر من 10 ساعات يومياً، لذلك ليس من الغريب اذا علمنا ان ذلك ينعكس في أدائه بشكل خطير، حيث تشهد شوارعنا الحوادث المختلفة للشاحنات، بينما يندر ذلك في أوروبا، أو هو كقطرة في بحر ما يحدث من الحوادث في شوارعنا.واذا بان أمامنا السبب أمكن تقدير الفرق بين السائقين هنا وهناك.نقطة أخرى تجب مراعاتها في هذه المشاريع وهي توحيد النظام الجمركي في دول مجلس التعاون، منعاً لتأخر حركة القطار وزيادة التكاليف، حيث لاتزال هناك مواد يسمح بمرورها في دول ويمنع في دول أخرى وتوحيد التعرفة الجمركية، ويجب ان يكون النظام المتبع في هذه الحال مثل نظام الاجواء المفتوحة المستخدم في الطيران ليحقق المشروع غايته.ومن أجل تفعيل مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أكدنا عليه أكثر من مرة، فمن المهم تقسيم هذه المشاريع الى قسمين، الأول: البنية التحتية لمشروع من سكك حديدية وغيرها وهو ما يقوم القطاع الخاص بتنفيذه، بينما يكون تأجير الخط على المشغل، وهو القطاع الخاص أو الحكومة، حيث تخف على الحكومة ميزانيات الإنفاق على هذه المشاريع، وتضمن سرعة الانجاز، وجودة العمل. يجب أن تكون تكلفة النقل بركوب القطارات أرخص من تكاليف النقل البري والجوي، وأغلى من تكاليف النقل البحري هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن يكون النقل بالقطارات ابطأ من الطيران. أما القسم الثاني: وهو المشغل لسكة القطار ، فيمكن ايكاله كذلك للقطاع الخاص، حيث تمنح الحكومة رخص تشغيل، مثل: رخص الطيران للشركات الخاصة، وتضمن الحكومة للمشغل رقماً معيناً من الدخل، يكون مبنياً على دراسات دقيقة، وبذلك تستفيد الحكومات من القطاع الخاص، وتعتبر مشاريع القطارات ذات عائد منخفض وقليل المخاطرة، ويمكن استهداف صناديق التقاعد للاستثمار في مثل هذه الشروعات لتحقيق ايرادات مضمونة. وختاماً، فإن ما يحسب للنقل بالقطارات فوائد جمة عدة، أهمها: التقليل من استهلاك الطاقة، والتقليل من حوادث المرور، وجميعها تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني. [email protected]