عزيزي رئيس التحرير تعقيبا على مقال الأخت خيرية عبدالرحمن اليوسف تحت عنوان (عزيمة) المنشور في صحيفة اليوم عدد 111432 يوم الثلاثاء 1425/10/4ه اشكر الأخت على حسن اختيار موضوع المقال والذي تطرقت فيه الى البدو واكرام الضيف. عند ذكر البدوي عادة ما يتبادر للذهن ذاك الانسان الذي كتب عليه الشقاء ومجابهة الفقر ولهيب الصحراء وقسوة الحياة، الانسان الذي دأب على الترحال والتنقل الدائم بحثا عن الماء والكلأ لإبله وغنمه، بينما الحقيقة هو ان شخصية ابن البادية مزيج من الصبر، والشجاعة، والمروءة، والنخوة، والشهامة، والعفة، والاباء، وعزة النفس، وخشونة العيش، تلك الخصال التي وشمت جبين البدوي، يلتحف السماء، ويفترش الارض، ويعشق السحاب، وكل ما لاح برق او سمع رعدا رفع كفيه بالدعاء شكرا للخالق على نعمه التي لا تحصى. اختي العزيزة، ان الصراع الأزلي من اجل البقاء الذي عاصره ابن البادية جعل من شخصيته أنموذجا للإنسان الاصيل الذي ظل يحتفظ بمكارم الاخلاق ونبل وشهامة العرب القدامى، لذا فان صفة الكرم والضيافة جزء من شخصية البدوي الاصيل، وما اكرام الضيف عند الانسان البدوي الا تجسيد للاستعداد الفطري للانسان الفقير لتقديم افضل ما يملك او يجد من الطعام لضيف، حل عليه، هذا الخلق يعتز به ولا يرضى ان يحيد عنه مهما كان الثمن، فلم ولن يكون الفقر والحاجة عذرا يتيح له الرخص للحيد عن واجب اكرام الضيف. الانسان البدوي يسترخص المال وكل ما يملك في سبيل اكرام ضيفه، فكل ما يبحث عنه القليل من الدنيا ولكن تبقى خصلة كرم الضيافة شامخة، يقول احد المستشرقين عن قناعة البدو بالحياة، (إن جل ما يطلبونه القليل من ضروريات الحياة، فهم يبتغون من الطعام ما يسد الرمق، ومن الملبس ما يستر اجسادهم العارية، ومن المأوي ما يدرأ عنهم لسعة الشمس ولفح الريح). اختي العزيزة، ان مقالك ان شاء الله، كلمة حق يراد بها حق، وكتب لاجل ان تعم فائدته الجميع. ولكن لم الاستغراب في سؤالك (هل خالطتم البدو؟) وفي قولك (انصحكم الا تترددوا في حضور عزائمهم) البدو ليسوا هنودا حمرا معزولين عن المجتمع يعيشون في محميات، كما انهم ليسوا اشباحا تتوجسين منهم الخيفة،البدو يشكلون الغالبية العظمى من سكان الجزيرة العربية وخصوصا دول الخليج العربي، حتى وان حطوا رحالهم في القرى والهجر والمدن واستقر بهم المكان، مازالوا باخلاقهم وخصالهم النبيلة، لم التردد في حضور عزائمهم؟! البدو ليسوا وحوشا ضارية تفترس من تراه وتمسك به، كما انهم ليسوا ارباب الجريمة حتى نأخذ الحذر من الاقتراب منهم، البدو بشر يؤمنون بالله ربا واحدا لا معبود سواه ويشهدون ان محمدا رسول الله خاتم الانبياء والمرسلين، دينهم الاسلام يتوجهون الى بيت الله الحرام خمس مرات كل يوم يطلبون الستر والعفاف والرحمة. اختي العزيزة، جزاك الله كل الخير على كلمة الحق في مقالك، وجعلك قلم رشد وفائدة. @@ فارس الحميدي الدويش الدمام