من ناحية قوته وتقارب أهدافه يبدو الائتلاف المطلوب شبيهاً بحكومات دافيد بن غوريون التي جمعت الأحزاب العمالية وأحزاب القطاعات المتوسطة حول حزب "مباي" المهيمن.. هذا هو. خرجت "شينوي" من الحكومة، وطُلب إلى "العمل" الاستعداد للانضمام إليها. هذه الخطوات تتعارض مع رغبة غالبية الجمهور الذي يفضل حكومة تتألف من الأحزاب الكبرى الثلاث، على أي خيار آخر. وهذا ما ظهر بوضوح في استطلاع الرأي الذي أجرته د. مينا تسيماح، أمس الأول، بناء على طلب صحيفتنا ("يديعوت أحرونوت"). كما تبين من الاستطلاع أن غالبية كبيرة من الجمهور تعارض إجراء انتخابات الآن، وأن الأحزاب الكبرى الثلاثة تتمتع بغالبية حاسمة بين جمهور الناخبين. وليس صدفة كون نسبة المؤيدين لهذه الأحزاب تشبه نسبة المؤيدين للانفصال عن غزة. والاستنتاج الواضح هو أن الحكومة المؤلفة من الأحزاب الكبرى الثلاث، التي تنفذ الانفصال عن غزة، دون التحالف مع الأحزاب الدينية، يمكنها إنقاذ الجهاز السياسي من الباب الموصود الذي وصل إليه. من ناحية قوته وتقارب أهدافه يبدو الائتلاف المطلوب شبيهاً بحكومات دافيد بن غوريون التي جمعت الأحزاب العمالية وأحزاب القطاعات المتوسطة حول حزب "مباي" المهيمن. وقد ورث مكانة "مباي" هذه حزب الليكود الذي جاء غالبية المصوتين له من مركز الخارطة السياسية. لكنه ولبالغ الأسف، لا يمكن تشكيل حكومة كهذه، لأن شارون لا ينجح بهزم جناح في كتلته يعارض الانحراف المبالغ فيه للحكومة نحو اليسار. وفي سبيل تخفيف عداء هذا الجناح لحزب "العمل"، تنازل شارون عن "شينوي" واشترى دعم "يهدوت هتوراه"، ولكي يحقق الاستقرار لحكومته، ينوي شارون ضم "شاس" إليها، رغم معارضتها لخطة فك الارتباط. يمكن الافتراض بأن تحويل مبالغ مالية كبيرة إلى الأهداف القريبة إلى قلب "شاس" من شأنها أن تغير رأيها، ولذلك من الأجدر بوزير المالية تهيئة نفسه لانتهاء حلمه بميزانية سليمة وبإصلاحات اقتصادية بعيدة المدى. فهو من تسبب، إلى حد كبير، بانزال هذا بنا وبه، إذ أنه لو دعم خطة فك الارتباط بملء فمه، لكان يمكن لكتلة المتمردين في الحكومة ومركز الليكود أن تفقد الكثير من قوتها. إذا ما نجح رئيس الحكومة بألعابه البهلوانية فسيقيم ائتلافاً عاجزاً، قصير الأجل، يثير ويُغرب الشرائح العلمانية المتوسطة والمعتدلين في أوساط الجمهور التقليدي. يبدو أنه لم يحدث أبداً أن تولدت مثل هذه الهوة الواسعة بين غالبية الجمهور الذي يشمئز من تحالف كهذا، وبين أعضاء الكنيست الذين تسببوا في تشكيله. فشل السياسيين يُضاعف الاشمئزاز من نظامنا البرلماني، ولذلك تعتبر هذه الأزمة علامة على الأزمة العميقة التي يواجهها النظام. ولهذه الأزمة أهمية أكبر، على المدى البعيد، من الأزمة الحالية.