ويأتي كما النهر كالإخضرار البهي يدق النوافذ يهطل من شرفات الأنين تجنح أصداؤه في نسيم الجهات تصير الجهات لقاء الحبيب الغياب حضور يشرفه الغائبون الحضور الجداول تفتح أزهارها الراحلون إلى العشق آبوا إليه ويهمي ويهمي ويهمي فتمطر الغيمة المثقلة هو الآن يمشي على البر يخرج من ثكنات التأمل في حرقة الزرقة الشاحبة تضيق المسافات بين الشموس وبين الهديل وينسرب الصوت يزرع سنبلة وفسيلة يا ابن ربيعة ليس المكان لأغزل شعري من وجنتيها وانسجها من رحيق الحروف المكان الزمان الشعور العقول التي أبدعتنا تفور وتخرجه من معين التشظي يطل علينا فيغمرنا بالسماء وما ذاك هل هو الروح أم شطحات التجلي وعمق الحياة أكنت تنادي علينا ووجه الحقيقة صفر لننحت في الصخر أسماءنا ونهزج للريح آمالنا أكنت تغازلنا بالنشيد أكنت تفيض ونحن الصحارى أكنت الشجر ونحن السراب الذي يمتطي الوهم لا ماء في جذعنا أو مقر أكنا نياماً غداة أنسفحنا بوجه الرياح وغادرت الأرض أقمارها أكنا رماداً تلاعب فيه التواريخ احزانها أكنا حطام الموانيء حيث يسافر نجم وتبقى الشواطيء ملفوفة بظلام المساء تعال أيا نجمنا المستباح أيا ظلنا المستهام المغيب تعود التمور إلى نخلها تعود الغصون إلى جرسها يعود الثمر يعود الغناء الشجي تعود المواويل والحب والعازفون على الجمر النسمات يعود الأصيل وكم مرة كبلته الصخور فقام ليحتضن النور والطين والماء ثم لينشق الهواء فهيا نلملم عشب الطريق ونجمع أزهار نيساننا وتسري الطريقة والانبعاث حتى يغردنا الوجد نهذي نعانق أطيافنا اللا ترى بل يرى ويحس يشم ويسمع كالنور يهدر يشتلنا كالربيع ونغرس في الرمل أفراحنا تستضيء المصابيح منه ونمسك بيدينا على زرقة الحرف نعشب فوق أديم السطور نشجر أحلامنا وترفرف أنثى المواعيد أحجية لتسير على الزهر أيقونة بل ملاكاً يطير بأبصارنا ليحل كما الموج فوق التراب ويصبح كالحلم كالجرح حين يزنره الغاصبون تثور وتشرق كالدمع حين يغيض الحبيب وكالقلب يوم تسير مجدافه الحسرات كما اللحن كالهمس حين يغادره الحالمون وكالنخل حين يجود ويهجره الأقربون تظل وحين تغيب سنموت.