أكد بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الاخير عن اسواق النفط وتطورات الميزانية العامة تراجع اسعار النفط خلال شهر نوفمبر بعد ان سجلت ارتفاعات قياسية غير مسبوقة في اكتوبر الماضي، وذلك كردة فعل للزيادة غير المتوقعة في المخزونات النفطية لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من جهة، وخفض التوقعات حول نمو الطلب على النفط بسبب اسعاره المرتفعة من جهة اخرى. وجاء ذلك رغم استمرار المخاوف من تعطيل محتمل في إمدادات النفط، وبالتحديد جراء التهديد بالإضراب مجددا في نيجيريا، وتأخير النقل وتعطيله في ممرين رئيسيين (مضيق البوسفور وقناة السويس)، علاوة على تخريب المنشآت النفطية في العراق. و انتهت الموجة الأخيرة لتصاعد الأسعار مع انتهاء حملة الانتخابات الأمريكية مما أزال بعض الحيرة حول سياسة الطاقة في الولاياتالمتحدة، علاوة على استئناف العمل ما بعد الصيانة في المصافي الأمريكية والأوروبية، وارتفاع إمدادات النفط الخام من خليج المكسيك بعد تعطلها بسبب الأعاصير في أواخر سبتمبر، والتحول من الطلب الصيفي على البنزين إلى الطلب الشتوي على الخامات الأثقل، وفي ضوء تلك العوامل، أغلق المتداولون المضاربون مراكزهم بهدف جني الأرباح في نوفمبر، مما ساعد على تخفيض علاوة المضاربة التي لازمت الأسعار، وأدت هذه العوامل مجتمعة إلى هبوط اسعار خامات برنت وغربي تكساس الوسيط إلى 40 دولارا و 46 دولارا على التوالي في منتصف نوفمبر، لتقترب من ادنى مستوياتها خلال شهرين منخفضة بأكثر من 10 دولارات عن ارتفاعاتها القصوى التي بلغتها في اكتوبر، ولو انها استعادت جزءا مما خسرته في النصف الثاني من الشهر. ويبدو أن اسعار النفط المتصاعدة بدأت تقوض الفرص لنمو الاقتصاد العالمي وبالتالي الطلب على النفط، فقد خفضت الوكالة الدولية للطاقة توقعاتها لنمو الطلب على النفط عقب تعديلات متكررة نحو الأعلى طيلة الأشهر القليلة الماضية، وعزت الوكالة هذا التعديل إلى تخفيض التقديرات حول نمو الناتج المحلي الاجمالي في دول عدة منها اليابان، والصين، في حين ابقت الوكالة تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال ما تبقي من عام 2004 ثابتة عند مستوى 5ر3% الا انها خفضت تقديراتها لعام 2005 على دفعتين من مستوى يزيد على 2% لتصل إلى 7ر1% (6ر1% بالنسبة لمركز دراسات الطاقة الدولي)، وقد رفعت الصين، التي كانت مسؤولة عن جزء كبير من نمو الطلب على النفط خلال العام الحالي، أسعار الفائدة للمرة الاولى خلال تسع سنوات بهدف تهدئة نموها الاقتصادي وتخفيف الضغوط التضخمية، ولا شك في ان ذلك سيؤدي، مصحوبا بالتحول إلى الفحم الأرخص، إلى تخفيض الطلب على النفط. وارتفع انتاج اوبك من حوالي 30 مليون برميل يوميا في شهر سبتمبر إلى 190ر30 مليون برميل يوميا في اكتوبر، وفقا لنشرة ميس، وساهم الانتاج العراقي بمعظم هذه الزيادة اذ بلغ معدل 4ر2 مليون برميل يوميا، وهو اعلى مستوى منذ شهر مارس الماضي، وباستثناء العراق، فقد ارتفع انتاج الدول العشر في اوبك بشكل طفيف، وكانت المملكة قد اكدت قدرتها على تزويد السوق العالمي ب 5ر1 مليون إلى 2 مليون برميل اضافي يوميا، فيما استمرت الدول الأعضاء الأخرى بالانتاج في حدود طاقاتها الكاملة والقابلة للاستمرار. ويتوقع ان تحافظ اسعار النفط على مستوياتها الحالية قبل ان تواصل تراجعها ابتداء من الربع الثاني من العام المقبل إلى خانة الثلاثينات، اذا ما جاء فصل الشتاء معتدلا في النصف الشمالية للكرة الارضية، وذلك ان صحت التوقعات حول تباطؤ النمو الاقتصادي وإن لم تعطل الإمدادات النفطية، ففي مثل هذه الظروف يرجح ان تبادر أوبك بتخفيض إنتاجها على مشارف الصيف المقبل، وذلك بهدف منع سعر سلتها من الهبوط إلى ما دون 30 دولارا. ويرجح بنك الكويت الوطني ان تلجأ اوبك إلى خفض انتاجها في وقت مبكر قد لا يتعدى الربع الثاني من العام المقبل، غير ان مثل هذا الاجراء لن يحول دون تراجع سعر النفط الخام الكويتي إلى ما دون 30 دولارا خلال النصف الثاني من العام المقبل، وذلك بعد بلوغه معدل 32 دولارا للربع الاول من العام المقبل.