أهديت لي ليلة عيد الفطر (وردة حمراء) فرحت بها وكأنها عقد من الألماس الطبيعي, بل كان فرحي بها أكبر,فيكفي أن أبالغ في قيمتها أن يكون مهديها قد تذكرني في زحمة العيد وخصني من دون الكثيرين بوردة. ضممتها برفق بين يدي,وأخذت الاستعدادات لأجعلها تحيا في غرفتي أطول وقت ممكن ,مع ان عمر الزهور قصير. أفرغت لها مكانا على طاولة (الكمبيوتر) المزدحمة أمامي بالأوراق والأقلام فمازلنا رغم كل التطورات, نشعر بحميمية تربطنا بالأقلام وحبرها وبالورق نملأ بياضه بزرقة او سواد الأحبار, ومعاني الكتابة. أحضرت زهرية أعددتها لمثل هذه الزهرات وملأتها بالماء العذب, مع أن الماء عندنا في مخطط (91) او (بدر) كما أطلق عليه مؤخرا, لايزال ملحا أجاجا, لايكاد يصلح لأي من الاستعمالات, اللهم إلا للوضوء, وكأننا نشرب من مياه جلبت من البحرمباشرة, ومن غير تحلية. بدأت بحب أنزع لفائف التغليف عن جسد الوردة الرقيق لأجعلها تستشعر عبق الحياة وهي تتنفس الأكسجين عبر إنطلاقة الهواء المنعش,وحين هممت بوضعها في الزهرية,أكتشفت وبكل أسى أنها (وردة مغشوشة). صرخت بكل حرقة, وكأن مساً, او ماسا أصابني على حين غفلة: ياإلهي, ألهذا الحد وصلت قلة المروءة ببعض الناس لدرجة الغش حتى في تقديم الزهرات البريئة, والوردات الجميلة؟ لقد اكتشفت أن الوردة مجرد مجموعة البتلات فقط أما الساق فمقطوع بأكمله, وموصول بساق آخر,ومثبت عن طريق شريط لاصق شفاف، لايمكن أن يرى ولو بالمجهر وهي في غلافها الشفاف. شعرت بالأسى وخفتت شعلة الفرح في وجداني, لأن في مجتمعي (أسراب جراد) محمية, لايهمها أن ترتكب أبشع الاخطاء في سبيل الحصول على حفنات من تراب المال, تدفع القليل منه للكفيل, مقابل أن تتمتع هي بالباقي من غير حسب ولارقيب.