شكلت الانتخابات البلدية اهتماما كبيرا لدى الكثير من شرائح المجتمع رغم عدم وضوح الصورة حول مشاركتهم في الإدلاء بأصواتهم الانتخابية بالصورة التي عليها ذلك الاهتمام الواضح الذي يبدونه خلال التطرق لموضوع المجالس البلدية , ويرى البعض أن هذا التردد قد يكون أحد أسبابه عدم استيعاب الدور الذي سيقوم به المرشح العضو في المجلس البلدي وانعكاساته على أفراد المجتمع , وهي حالة يرونها طبيعية عطفا على حداثة التجربة الانتخابية لدينا. وفي لقائنا بأحد رجال الأعمال بالمنطقة الشرقية أشار عبدالهادي الحقيط الزعبي إلى أن المشاركة في هذه الانتخابات مطلب ملح , والتفاعل معها لا بد منه , لأن الاتكالية واللا مبالاة حسب قوله قد لا تقدم هذه الانتخابات بالشكل المرضي والمأمول , بل قد تتيح وصول أطراف أخرى ربما لا تكون الصوت الأكثر فاعلية وتأثيرا إلى المجلس البلدي الذي نحن في حاجة لنجاحه في أول إنطلاقة له لتفعيل العديد من مؤسسات المجتمع المدني الأخرى التي هي في طريقها للاستفادة من هذه التجربة العملية .... وإلى نص الحوار: منظومة الاصلاحات : @ اتخذت حكومتنا الرشيدة خطوة جديدة نحو توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشئون المحلية عن طريق الانتخاب , ما مرئياتكم حول هذه الخطوة ؟ * بالتأكيد هذه الخطوة التي بادرت بها قيادتنا الرشيدة قد جاءت ضمن منظومة من الخطوات والإصلاحات البناءة والتي تتواكب مع متطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية للتطور الذي تشهده مختلف مناطق المملكة , وارتفاع سقف الوعي والتعليم والثقافة لدى مختلف شرائح أبناء هذا الوطن . وهي خطوة تهدف من خلالها الدولة إلى توسيع مشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية , وبالتالي تطوير مدنهم وفقا للاحتياجات التي يرون بأنها تشكل أولوية , ولها تأثير مباشر على حياتهم داخل هذه المدن . وفي نظري , أرى أن هذه المجالس ستكون ذات انعكاس ايجابي على المواطن والمنطقة التي يقطن فيها من حيث إحساسه بدوره في صياغة ورسم كثير من السياسات والبرامج والمشاريع التنموية التي تفيد المواطن مستقبلا. حداثة التجربة : @ كيف تنظرون إلى ما تضمنته لائحة انتخاب الأعضاء المجالس البلدية من آليات ترشيح وانتخاب ؟ * الاستفادة من تجارب الآخرين ليست وليدة اليوم , فنحن , وغيرنا من الدول الأخرى نأخذ بالتجارب والأساليب الناجحة لدى شعوب أخرى , ولكن بعد دراسة إيجابياتها وسلبياتها ومحاولة تكييفها بما لا يؤثر في أدائها ونتائجها المتوقعة . والملاحظ في لائحة الانتخاب لأعضاء المجالس البلدية أنها راعت حداثة التجربة لدينا كونها تطبق للمرة الأولى من حيث انتخاب نصف المجلس البلدي وتعيين النصف الآخر , كما أن الشروط والتعليمات التي أشارت إليها اللائحة تعتبر مناسبة جدا , على أنه يمكن تطويرها مستقبلا , فما هو مناسب اليوم قد لا يكون مناسبا في المستقبل , لأن الحاجات تتغير وكذلك الظروف و الامكانات . العضوية تكليف : @ ما الصفات التي يجب أن تتوافر في عضو المجلس البلدي , وما هو الدور الذي ينبغي أن يلعبه؟ * في رأيي , إن عضوية المجلس تكليف لا تشريف , فعضو المجلس عليه تمثيل المنطقة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى , فهو الذي يتعرف على مشاكلهم ويحمل همومهم ويعمل مع الجهات ذات العلاقة لايجاد الحلول المناسبة لها , وهو الذي عليه أن يتعرف على طموحاتهم وتطلعاتهم ويرتفع إلى مستواها , ويبذل جهده ووقته في سبيل تحقيقها على أرض الواقع , لذلك فإن الشخص الذي يبحث عن وجاهة اجتماعية أو يسعى إلى تحقيق منافع شخصية عليه أن يبحث عنها في مكان آخر. إن الصدق والنزاهة ونكران الذات صفات أساسية ينبغي أن يتحلى بها عضو المجلس, وإلا فإنه غير مؤهل ليحظى بثقة الناخبين . كذلك ينبغي أن يكون للناخب برنامج عمل يرتبط بمشكلات المنطقة وهموم المواطن وتطلعاته , وأن يتسم البرنامج بالواقعية والقابلية للتنفيذ دون وعود براقة وخيالية . الصوت الفعال : @ ما تصوركم حول تفاعل المواطنين مع تجربة انتخابات المجالس البلدية القادمة ؟ * في الحقيقة , لست أنا وحدي من ينتظر الكثير من الناخبين , وأقصد بذلك التفاعل بصورة جيدة مع هذه الانتخابات التي تمس شؤونهم واهتماماتهم في المدينة التي يقيمون فيها مطلب ملح , لأن اللا مبالاة والاتكالية قد لا تقدم هذه الانتخابات بشكل مرض , بل قد تتيح وصول أطراف أخرى قد لا تكون الصوت الأكثر فاعلية في هذا المجلس البلدي الذي نحن في حاجة لنجاحه في أول انطلاقة له كبوابة لتفعيل العديد من مؤسسات المجتمع المدني الأخرى التي هي في طريقها للاستفادة من هذه التجربة العملية , كما أن نجاح هذه التجربة سيولد لدى الأغلبية حاجة ونزعة التجديد الأمر الذي قد يؤدي إلى رفع كفاءة المؤسسات القائمة وزيادة فعالياتها عن طريق دفعها لتجديد رؤاها وتطوير أساليب عملها. المشاركة تكليف : @ ما المكاسب التي سيجنيها المواطن من المشاركة في انتخابات المجالس البلدية ؟ * المكاسب عديدة ليس للمواطن فحسب , بل أيضا للوطن بوجه عام , ولو خرجنا في أضعف الحالات بإيجابية وحيدة فأرى أن مجرد المشاركة في هذه العملية الانتخابية هو بحد ذاته شيء يستحق العناء وبذل الجهد. ومن هنا فالمشاركة في الانتخابات توفر فرصة التواصل والتعاون والاستفادة من أصحاب التجربة من العاملين في القطاع الحكومي والتعرف على آلية العمل لديهم وأسلوب عملهم وطريقة معالجتهم لما يواجههم من عقبات وفق الامكانات المتاحة وأوليات العمل لديهم. كذلك المشاركة في الانتخابات يتحقق من خلالها اكتساب خبرة في ميدان العمل العام والميدان الانتخابي بكافة آلياتها المتاحه بصورة خاصة , وهي خبرة لا بد منها لدينا لكونها التجربة الأولى في المملكة. كما أن المشاركة في الانتخابات تعمل على توسيع شريحة المشاركين , وتتيح مجالا أكبر للتعامل مع شرائح المجتمع المختلفة للتعرف على همومهم وحاجاتهم وأولوياتهم. أيضا لا ننسى أن مجرد المشاركة في هذه الانتخابات سيحقق العديد من المصالح والتي منها استثمار الطاقات غير المستغلة في المجتمع , والإسهام في حل مشكلاتهم.