الحمد لله عالم الغيب والشهادة كتب الآجال على جميع عباده وبعد: ففي يوم الخميس العاشرة والربع صباحا في الثامن والعشرين من شهر رمضان لعام 1425 من الهجرة دنا الحق وانتشل منا محبوب الاقصى والادنى فخطف فكانت له المنى ولنا العزاء والسلوى بالقدر المحتوم حلوا كان او مرا وحسبي ان اقول انه فقيه وقاض لاكثر من اربعة واربعين عاما عاش اكثر من سبعين سنة لم يعرف سوى خدمة الدين ومواصلة الاعمال الصالحة رائد اسرته في جميع المحامد والمكارم ذلكم هو صاحب الفضيلة الوالد الشيخ الجليل صالح بن عبدالرحمن القرعاوي القاضي بمحكمة التمييز بمكة المكرمة. ولد رحمه الله بمدينة بريدة ونشأ بها نشأة دينية وطلب العلم على علمائها ولازم الشيخ عبدالله بن حميد رئيس قضاء القصيم مدة عشر سنوات ثم انتقل الى الرياض للدراسة في كلية الشريعة فدرس في الجامع الكبير على سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم مفتي الديار في وقته حتى تخرج من الكلية فرشحه الشيخ محمد بن ابراهيم للقضاء فتهرب منه لاكثر من ستة اشهر حتى اصر عليه الشيخ فتعين في قضاء الاحساء وبقي فيها مدة طويلة حتى انتقل الى قضاء ابقيق ثم انتقل رئيسا لمحاكم وادي الدواسر وبعدها انتقل رئيسا لمحاكم القويعية وبعدها انتقل الى محكمة التمييز بمكة المكرمة قاضيا ومكث فيها حتى وفاته. وكان رحمه الله مهيبا وقورا غيورا على حرمات الاسلام والدين وكان على سيرة السلف الصالح وما كانوا عليه من الهداية والدين وكان في كل منطقة يعمل بها يصلي بالناس الجمعة ويخطب بهم ويصلي بهم الاعياد وكان خطيبا مؤثرا جهوري الصوت ويتفقد الايتام والفقراء والمساكين واصحاب الحاجات وحريصا على حلقات تحفيظ القرآن وسيرها واشرف على جمعية البر وجمعية تحفيظ القرآن وكان يقف مع رجال الحسبة وكان شديد التمسك في قضائه بالكتاب والسنة وحريصا على نزاهة يده وماله وتعامله مع الناس والاصلاح بينهم وعلى الصلة بأقاربه وارحامه والسؤال عنهم وتفقد احوالهم. وكان الشيخ رحمه الله مع ما يتصف به من الاتزان وحصافة الرأي والهيبة والوقار جوادا كريما جلب اليه الجود وحسن اخلاقه محبة الناس واجلالهم فشاع له الذكر الحسن بين اقاربه وارحامه وزملائه وفي كل منطقة يعمل بها حتى وفاته رحمه الله. وقد صلى عليه جموع غفيرة من المسلمين في المسجد الحرام ليلة تسع وعشرين من رمضان يوم الخميس ليلة الجمعة بعد صلاة التراويح ودفن في مقبرة الشرائع وذلك بعد مرض عانى منه طويلا غفر الله له وتغمده بواسع رحمته واسكنه فسيح جنته وإنا لله وإنا إليه راجعون. @@ عماد محمد القرعاوي الرياض