يتعرض العراق الشقيق لحالة من الفوضى التي نشأت عن تهديم مؤسسات الدولة وهياكلها.. ووجود منظمات مقاومة وطنية للاحتلال ومجموعات إرهابية، ومرتزقة ومغامرين، وتجار حرب وعملاء استخبارات هو نتيجة منطقية لفوضى الحروب والغزو الخارجي والحلول العسكرية حيث يسود اللا نظام واللا منطق واللا قدسية للحرمات.. وكان يتعين على الحكومة الأمريكية باعتبارها هي الضامن للاستقرار في العراق عقب إلغائها مؤسسة الجيش الوطني العراق، كما يتعين على الحكومة العراقية المؤقتة باعتبارها معنية بإدارة الفترة الانتقالية، تقييم الأوضاع العراقية بعقل مفتوح.. وبرؤية تستوعب كافة الظروف والمواقف ومخاوف شرائح المجتمع العراقي وآمالها. ولا تحمل مدينة عراقية بعينها ولا طائفة عراقية بعينها سيئات تبعات الاحتلال في العراق وقرارات الحاكم الأمريكي للعراق الخاطئة.. وكان يجب ألا تقع الحكومة العراقية الانتقالية تحت إملاءات ظروف جدلية، فموعد الانتخابات، مثلاً، ليس مسألة حتمية، لأن الهدف من الانتخابات ليس موعدها بل الهدف أن تؤسس لتجلب الاستقرار للعراق وأن يعود البلد الشقيق إلى عافيته ودوره في خدمة شعبه والتطلع إلى الامام. وكان يجب أن يستمع المعنيون بالانتخابات في العراق إلى كافة الشرائح والتوجهات العراقية، لا أن يبدو موعد الانتخابات وكأنه تحد جديد للحكومة العراقية. ولا يمكن مثلاً عقد الانتخابات في وقت يجفف فيه عراقيون جراحهم ودموعهم خاصة أن هيئات شعبية وأحزاباً عراقية طلبت تأجيل الانتخابات لكي تستطيع المشاركة بروح من التفاؤل والاستقرار الأمني. إن استقرار العراق هو مطلب ضروري لجميع البلدان العربية بما فيها البلدان المجاورة للعراق. لأن عراقاً مستقراً مستقلاً يمثل دعامة لنهوض الأمة العربية وتعزيزاً لاستقرار المنطقة لكي تتخلص من مشاعر الكره والحرب وتبدأ مسيرة جديدة إلى الغد. ولا يتأتى الاستقرار العراقي إلا بأن تضع الحكومة العراقية حل المشاكل بالوسائل السلمية كأولوية في أسلوب إدارة بلد يخرج من جحيم حرب. ويجب أن تقاوم تجار الحرب والدم وأن تبذل كل ما تستطيعه من الوقت والجهد والعمل من أجل تفادي مذابح الفلوجة في مدن أخرى. لأن العنف سوف يصعد المقاومة المحلية ويجلب أفراداً إرهابيين مغامرين يمتهنون العنف ويودون تسجيل بطولات.