بعد يومين من انسحاب أول جندي هندي من كشمير كان غلام نبي خارالي يمشي في إحدى طرقات القرية حين أوقفه جندي وصاح في وجهه، كانت جريمة خارالي انه يسير على نفس جانب الطريق مع الجندي،وقال خارالي (52 عاما)لم يكن معي بندقية أو قنبلة، لست مسلحا لكنه أهانني ودفعني الى الجانب الآخر من الطريق دونما سبب، ما جدوى خفض القوات اذا لم يضع حدا للتحرشات. هل هذا هو الخفض الحقيقي. ويتردد نفس السؤال على ألسنة عدد كبير من سكان كشمير عقب انسحاب المجموعة الأولى من القوات الهندية من المنطقة المتنازع عليها اثر قرار مفاجيء من رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ بخفض القوات. ويقول خبراء ان هناك ما لا يقل عن 400 ألف جندي في المناطق التي تسيطر عليها الهند من كشمير مقابل سكانها البالغ تعدادهم عشرة ملايين نسمة،وتحاول القوات انهاء تمرد ضد حكم نيودلهي للولاية اندلع قبل 15 عاما غير ان الإجراءات الجائرة التي تطبقها أدت إلى تفشي حالة من الاستياء،وتقول جماعات حقوق الإنسان ان قوات الأمن تفرض حظر التجول وتنفذ عمليات تفتيش عشوائية وتحتجز مواطنين دون توجيه اتهامات،وحثت منظمة مراقبة حقوق الانسان الاتحاد الاوروبي على تسليط الاضواء على قضايا حقوق الانسان في الهند وذكرت في بيان صدر هذا الشهر في كشمير تواصل قوات الجيش والشرطة والامن تعذيب المعتقلين مما يؤدي الى حالات قتل اثناء الاعتقال، واضافت المنظمة ومقرها نيويورك في كشمير على سبيل المثال... يحتجز اشخاص في معسكرات وثكنات الجيش ويعذبون بشكل منتظم قبل الافراج عنهم او احتجازهم من جانب الشرطة في انتهاك للقوانين المحلية التي تشترط تسليم المعتقلين للشرطة على الفور، ويعد قرار سينغ خفض القوات في كشمير رسالة مصالحة قبل أول زيارة يقوم بها للمنطقة المضطربة. وتهدف هذه الخطوة الى توجيه إيماءات إيجابية لخصمها اللدود باكستان وتعزيز عملية السلام التي بدأت في العام الماضي بعد ان اشرفت الدولتان المتجاورتان على خوض حرب بسبب المنطقة في عام 2002. وفي اطار الخطة نقل نحو ألف جندي خارج منطقة انانتناج بجنوب كشمير الأسبوع الماضي غير ان سكان المنطقة يقولون ان ذلك لم يخفف من معاناتهم بعد. ويقول الموظف الحكومي علي محمد بدام:اعتقد ان مسألة خفض القوات ليست سوى دعاية. العدد (القوات المنسحبة) ضعيف جدا حتى يغير حياتنا البائسة،ورغم ان نيودلهي لم تذكر تفاصيل عن اجمالي عدد الجنود الذين سينسحبون من كشمير فان مصادر بوزارة الدفاع تقول ان العدد أقل من 40 الفا،وقال مولانا عباس انصاري وهو سياسي معتدل في كشمير من دعاة الانفصال:خفض القوات غير مهم حقا المهم كيفية معاملة هذه القوات للمواطنين،كشمير جوهر العداء الدائر بين الهندوباكستان منذ نصف قرن ويزعم كل من البلدين ان المنطقة من حقه بالكامل وكانت سببا في اندلاع حربين بينهما،وقتل نحو 45 الفا في المنطقة منذ ان بدأ ثوار مسلمون تمردا ضد الحكم الهندي في عام 1989،ويقول سكان كشمير ان حملة نيودلهي لسحق التمرد بجيشها القوى تعني قيام الجنود بعمليات تفتيش للافراد والسيارات والبيوت واغلاق الطرق بشكل منتظم،كما يتهمون القوات بانتهاك حقوقهم واعمال قتل دون وجه حق وهو ما تنفيه سلطات الدفاع قائلة ان القوات الهندية تحاول تجنب مضايقة السكان وان الوضع يتحسن تدريجيا،وقال ضابط بارز في الجيش:بالرغم من ذلك سيكون هناك بعض القيود على تحرك المواطنين وبعض المضايقات،لا يمكن تجنب ذلك في حملة لقمع تمرد، من المستحيل تجنب المضايقات كليا، ويرى سكان كشمير ان القيود استمرت طويلا لتفرز حالة من العداء ضد القوات.