@@ مامن شك على الاطلاق انه لن يتأثر احد بشكل دائم من اجل موت احد.. فالناس غالبا يأتون الى هذه الدنيا ويرحلون وتلك سنة الله في خلقه.. وقد نحزن قليلا ..ونبكي قليلا لرحيل من كان لحياتهم اثر، ولكن الناس تنسى الامس كثيرا.. @@ ان الاحياء قدرهم ان ينسوا وقدرهم ايضا ان يموتوا ولا احد باق على وجه الارض الا من خلقهم. @@ لقد مات عظماء الرجال وبسطاؤهم.. اغنياؤهم وفقراؤهم.. ولكن هناك من بقي حيا بما تركه من اثر وتأثير في حياة الناس.. هناك من بقي آلاف السنين عمرا مديدا داخل العمر تتعرف عليه الاجيال جيلا بعد جيل.. هؤلاء المبدعون والملهمون والشهداء هم الاحياء الذين خلدتهم اعمالهم ومنجزاتهم واثارهم. "والخلد عمر الملهمين وما لباقي الناس عمر" @@ ان العديد من الناس يموتون كل يوم ولا يذكرهم احد ولكن هناك من يموت ويبقى حيا في ضمائر الناس وعقولهم.. وهؤلاء العظماء هم وحدهم الذين يكون لخلو المكان منهم ابلغ الاثر في نفوسنا ولهذا نحن حريصون على بقائهم احياء في عيوننا.. وفي قلوبنا وفي اسماعنا @@ قد ترى من مات حيا في ملحمة بطولية من كفاح الامة ونضالها، وقد تراه في كتاب.. او في قصيدة شعر او في مقطوعة موسيقية، او في لوحة صادقة لم يلوثها الكذب. قد ترى من مات يمشي بين الناس ويملأ الشوارع والطرقات وتحتفل باسمه بصوته بكلماته الساحات العامة و(الدواعيس الضيقة) وقد تراه كثيرا في عيون البشر وعلى ألسنتهم وتحت اضواء النيون وفي المسارح وقاعات الموسيقى وفي المكتبات العامة وقد تجده في سطر مضيء في كتب التاريخ.. او قد تسمع صوته واضحا جليا، (ياسارية الجبل) فتمتلىء فخرا وعزة وعزيمة وعدلا وقد تسمعه في صوت ثكلى في (جنين) "وامعتصماه". وقد تراه ينشد شعرا عذبا في بلاط هارون الرشيد او يصرخ من فرط الالم وجراحه تنزف تحت الانقاض في (الفلوجة) انه موجود هناك وهناك. اليوم وقبل الف عام. @@ كل هؤلاء الموتى الاحياء، مازالوا يعيشون نبضا حيا في اوردتنا فنحن لم ننس قط عذابات الامس ولا معاناة اليوم ومن اجل هذا لم تكن تلك المآسي القديمة والجديدة بمعزل عن ضمير الامة، ولم نسد اذاننا قط عن نداء المآذن واستغاثة الجرحى، وأنين الثكالى، ولا عن دماء الشهداء. ولكن هناك الكثير مثلي الذين لا يملكون الا البكاء عبر السطور او الصراخ عبر الفضائيات، التي ما برحت تعمق المأساة، وتزرع نصلا في جرحنا الدامي وتزيد احزاننا، وتحفر قبورنا لنموت بما نراه امام اعيننا في اليوم الف مرة، موت الجبناء، لا كما يموت بالنضال الشرفاء. ولا ازيد!!