جاء إعلان الجيش الأمريكي عن انتهاء القتال الرئيسي في الفلوجة كصدى لكلمات الرئيس جورج بوش في مايو العام الماضي عندما أعلن انتهاء الحرب رسميا في العراق،وتبين لاحقا أن إعلان بوش كان خطأ فاضحا في مجال الدعاية بعد أن سقط قتلى من الجنود الامريكيين خلال فترة ما بعد الحرب يفوق عدد من قتلوا خلال الحرب الرسمية،وعلى غرار إعلان بوش، فإن بيان الجيش الامريكي بشأن الفلوجة قد يكون تعبيرا عن نصر قصير الامد تعقبه نتائج خطيرة طويلة الامد،وبدأ الكثير من السياسيين العراقيين في تجنب رئيس الحكومة المؤقت إياد علاوي وغيره ممن باركوا الحملة العسكرية على الفلوجة. ومع اقتراب موعد الانتخابات العراقية في يناير المقبل فإن هؤلاء السياسيين يريدون أن ينأوا بأنفسهم عن هذه الحملة العسكرية التي أصبح جليا أنها لا تحظى بأي تأييد شعبي،وفقد الحرس الوطني العراقي كثيرا من الدعم الشعبي نتيجة لدوره في الهجوم على الفلوجة، حتى من قبل الكثير من العراقيين الذين اعتبروا أن الجيش العراقي الجديد هو عامل مهم لارساء السلام في البلاد التي مزقتها الحرب، وانسحب الحزب الاسلامي العراقي الذي يحظى بتأييد الفئة المعتدلة من السنة من الحكومة العراقية المؤقتة في أعقاب الهجوم على الفلوجة، حتى الاتحاد الاسلامي الكردستاني ثالث أكبر الاحزاب الكردية والذي كان ينأى بنفسه عن تأييد المقاتلين في السابق بدأ يبتعد عن حكومة علاوي، وأوضح الحزب في بيان عقب بدء الهجمات على الفلوجة قبل أسبوع أنه يرفض اللجوء للحلول العسكرية. ويتساءل العراقيون في جميع أنحاء البلاد بقلق (أين ستكون الفلوجة المقبلة؟ في الموصل؟ في بعقوبة؟ أو في البلدات الصغيرة جنوببغداد؟)، ولم تساهم التقارير عن الوضع اليائس للمدنيين المتبقين في الفلوجة إلا في زيادة المساندة لقضية المقاتلين المناوئين للولايات المتحدة في مناطق أخرى من العراق، ولم يستبعد الجيش الامريكي أن يحاول بعض المقاتلين والمتشددين العرب في العراق أن يلجأوا إلى مدن أخرى داخل ما يسمى بالمثلث لاعادة تنظيم أنفسهم. ونتيجة لذلك فليس من المستبعد أن تتحول مدن أخرى إلى أهداف لهجمات القوات الامريكيةوالعراقية، ومن بين المناطق التي يحتدم فيها الصراع المنطقة التي تقع جنوب العاصمة العراقية على ضفاف الفرات والتي يسميها سكانها (مثلث الموت) حيث اتخذ الجنود البريطانيون مواقع لهم هناك بطلب من الجيش الأمريكي، وتدهور الوضع في هذه المنطقة إلى الدرجة التي أصبح فيها من الخطر على الجنود الأمريكيين والأجانب والعراقيين أنفسهم أن يمروا عبر هذه المنطقة في الطريق من العاصمة إلى المدن وسط العراق. وذكر موقع إيلاف الاخباري على الانترنت أن المتشددين في اللطيفية والمحمودية وغيرها من البلدات القريبة لا يستهدفون رجال الشرطة ومسئولي الحكومة وحدهم. ووفقا لتقرير نشر على الموقع، فإن العائلات التي ترغب في نقل موتاها من بغداد إلى النجف لدفنهم يخشون على حياتهم ويضطرون لدفنهم في مقابر مؤقتة بهدف إعادة دفنهم في النجف عندما تجد البلاد ما ينتظره الجميع: مستقبل أفضل.