شعر شارون بغبطة ورضا بالغين لوفاة عدوه اللدود ياسر عرفات ولكنه في نفس الوقت بسبب غياب عرفات ايضا اخذ يتوجس خوفا من خسرانه دعم البيت الأبيض للاستراتيجية الهادفة الى اصابة المفاوضات الفلسطينية/ الاسرائيلية بشلل كامل، ومن ثم تعطيل الخطة الامريكية التي رسمها بوش الابن لاقامة الدولة الفلسطينية المرتقبة، فاكتشاف الأسلحة المهربة الى قطاع غزة في يناير 2002م دفع الإدارة الأمريكية الى وقف المبعوثين الامريكيين لانجاز مهمتهم حيال التوسط لاعادة التفاوض بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، وبسبب الاكتشاف نفسه اقتنع البيت الأبيض بأن عرفات لم يعد صالحا لشراكته مع الاسرائيليين في تسوية الأزمة الفلسطينية العالقة، وبالتالي فان شارون اضحى في حل من اية ضغوط امريكية حقيقية تلزمه بتطبيق خطة خارطة الطريق التي تهدف ضمن ما تهدف الى تكوين دولتين متجاورتين ومستقلتين، لاسيما ان عرفات رفض التنازلات التي جاءت في صلب الخطة، غير ان الاوضاع تغيرت الآن بعد رحيل عرفات، فاسرائيل قد تقبل بالعودة الى تلك الخطة والقبول بقيام الدولة الفلسطينية، فالشروط التي وضعتها لقيام الدولة قد تتهاوى في ظل مفاوضات الاوضاع النهائية التي اضحت مناخاتها مهيأة بعد رحيل عرفات، كما ان الأعذار التي طرحتها للقبول بالاتفاق الذي كانت قد صادقت عليه قد تتهاوى ايضا، وازاء ذلك فان شارون قد يجد نفسه مضطرا للقبول بالحلول النهائية التي لا يمكن تأجيلها الى اجل غير مسمى، وقد كان واضحا للعيان ان تطبيق خطة خارطة الطريق كان مستحيلا في عهد عرفات، اما الآن فيمكن الركون الى صحة القول ان بالامكان تحقيق خطوات ايجابية من بينها الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة وما سوف يؤول اليه من تطورات سياسية لاحقة سوف تؤدي بالنتيجة الى حلحلة العقبات نحو اقامة الدولتين المتجاورتين، وسوف تؤدي بالنتيجة ايضا الى وقف تجميد الحل النهائي، فإذا تم السعي لتجديد المفاوضات تطبيقا لخطة خارطة الطريق وتبني الخطوات الامنية فهذا يعني ان الادارة الامريكية ستجد نفسها مدفوعة للمناداة مجددا باحياء الدعوة لاقامة الدولتين المتجاورتين، ولن يتمكن شارون حينئذ من الافلات من مقتضيات الفرص السانحة لتسوية الازمة في حالة استثمار القيادة الفلسطينية الجديدة تلك الفرص وتحويلها الى واقع مشهود.